تحتل «الفقرة» مصيف المدينة الأول مكانة كبيرة فى ذاكرة السياح وعلى الرغم من مفردات السياحة العالقة فى أذهان الكثيرين والتى لا تخرج عن البحار والمتنزهات وغيرها إلا أن الفقرة قدمت وجهًا سياحيًا مغايرًا وداعبت زوارها بالنخيل والعسل والأجواء الغائمة .. مفردات سياحية مختلفة جعلت من الفقرة عنوانًا لا تخطئه عيون الباحثين عن الجمال. المدينة قامت بجولتها إلى مصيف المدينة وقطعت حاملة كاميراتها لتقف على أجمل بقاع المدينة المنورة
أسير الأجواء
البداية كانت أشبه بالأسر الجميل نعم فلقد وجدت أنا وزميلى أنفسنا أسيرين لبعض المفردات الطبيعية بالمنطقة والتي قل ما يجد مثيلاً لها، فللسياحة البيئية بالمنطقة طابع مميز وطعم خاص ولعل أقل مايقال عن المكان الذي وقع عليه اختيارنا بعد وادي الفرع هو المصيف لأكبر حاضرة قريبة من المدينة المنورة إنها «الفقرة» والتي سعدنا بزيارتها وسعدت هي باستقبالنا ، حيث أجمع عليها الجميع بأنها مصيف «المدينة» الأول
طريقان وخياران
فى بداية رحلتنا «للفقرة» كان أمامنا خياران إما أن نسلك طريق ينبع القديم مرورًا بالفريش ومن ثم إلى الفقرة أو من خلال طريق ينبع السريع ومن ثم ننعطف يمنة عند مفرق الفريش الفقرة، وقررنا أن نسلك الطريق السريع وكانت الانطلاقة في تمام الساعة الـ»10» صباحًا ووصلنا إلى بداية الصعود في تمام الساعة الـ»10:45» دقيقة وكانت هناك لوحة إرشادية تشير إلى «الجفر» يمنة و»الفقرة» يسرة وسلكنا طريق الصعود إلى الفقرة وكانت عبارة عن سلسلة جبال متجاورة في خط طولي تقريًا تشبه تمامًا العمود الفقري وقيل لنا بعد ذلك أن سبب تسميتها بالفقرة لأنها تشبه « فقرات الشاة» . كان الجو غائمًا وممتعًا وصلنا بسلامة الله إلى أعلى نقطة والتقينا برجل يدعى العم نغيمش وعرفناه بنفسنا فرحب بنا أشد ترحيب وطلبنا منه أن نستكشف المنطقة وبالرغم من كبر سنه إلا أننا استقينا منه بعض المعلومات الهامة عن المنطقة، حيث أكد لنا أن سكانها من قبيلة «الأحامدة» من حرب وأن الفقرة ترتفع عن سطح البحر بحوالى 1800م ، وهي تجمع بين الجبال الشاهقة والوديان السحيقة، ويكون جوها باردًا ومعتدلًا في فصل الصيف، وشديد البرودة في الشتاء حتى أن سكانها لا يعيشون فيها وقت الشتاء وكانوا ينزلون إلى وادي ينبع ووادي طاشا ووادي رحقان أثناء الشتاء وأن المنطقة عمومًا تشتهر بزراعة النخيل والحبوب وغيرها.
واعدة سياحيا
مجموعة من زوار المنطقة القادمين لقضاء أوقات ممتعة في مصيف الفقرة أكدوا لنا أن الفقرة لازالت ينقصها الكثير سياحيًا بالرغم من أنها منطقة واعدة سياحيًا ولكن الاهتمام بها لازال محدودًا ، مشيرين إلى أن جميع المعطيات تشير إلى أهمية الفقرة كمتنفس صيفي تعتدل فيه درجة الحرارة مقارنة بكامل مدن وقرى منطقة المدينة المنورة، مما يجعلها مصيفًا ناجحًا لسكان المنطقة، إضافة إلى أن ارتفاعها يفوق ارتفاع جبال الهدا بالطائف. وأخبرناه بأننا سمعنا أن للفقرة أكثر من طريق يستطيع من يرغب الصعود إلى هذا المكان الجميل أن يسلكه فأكد لنا ذلك وقال هناك أكثر من طريق: -الطريق الرئيسي وهو طريق المدينة المنورة الفريش الفقرة حيث إنها تبعد عن المدينة المنورة قرابة «82» كم «40 كم من المدينة إلى المفرق قبل الفريش بـ»5» كم وثم «42» كم من المفرق إلى أعلى الفقرة «ويمكن للسيارات الصغيرة الصعود إلى أعلاه، أما الطريق الثاني فهو طريق المسيجيد أرحقان العنيق يستطيع الشخص الصعود إلى الفقرة عن طريق شعب يسمى محليه ولكن لا يستطيع الصعود مع هذ الطريق إلا السيارات ذات الدفع الرباعي وطول الطريق تقريبًا» 50» كم عن المسيجيد حتى أعلى قمة الفقرة، والطريق الثالث هو طريق ينبع النخل طريق البقاع يفرق من منطقة مدسوس والبلدة ثم يسلك طريق ترابي متجاوزًا قريتي الشرجة والصدرة ثم بعد ذلك يجد طريق مسفلت يصعد جبل يسمى «دمدم « وطول هذا الجبل حوال 5كم، وأشار علىّ أن هناك طرقًا أخرى من الخيف وغيرها، كما أن هناك طريق حديث من «طاشا - السديرة - دمدم» حيث شقت وزارة المواصلات طريقًا من طاشا بطول «30» كم يصل للسديرة ثم عقبة دمدم.
نخلة عجيبة
العم نغيمش أكد وجود حاله عجيبة لا توجد في أي منطقة حيث أن النخلة الواحدة تنتج الرطب ثلاث مرات في السنه وهو من نوع « الكعيك ويقال له الجبيلي و الصفوي» وبإمكانك أن ترى أن النخلة الواحدة ترى في حلقها جنب منه الطلع وجنب متحمل رطب وجنب القنو وهو التمر كامل النضج وسبحان الله العظيم، وعن النباتات الأخرى قال يوجد أشجار العرعر و»العتم» والطلح والقرض وغيرها، ثم صمت لبرهة فسألناه عن سبب صمته فقال كما ترون لقد كانت المنطقة زراعية وانخفض عدد المزارع إلى النصف تقريبًا أي بنسبة «50%» من المزارع السابقة التي كانت موجودة وتشتهر بها المنطقة وأحسسنا به ولسان حاله يقول «أين نحن من ذاك الزمان الجميل»، وأشار العم نغيمش إلى أنه عادة ماتكون هناك احتفالات بمواسم الحصاد
أرض العسل
وأكد لنا العم نغيمش وبعض الأهالي أن الفقرة اشتهرت بأرض العسل حيث اعتاد السكان على إنشاء مناحلهم في الشقوق الجبلية ويوجد بها مناحل قديمة ومناحل حديثة تفوق الـ»20» ألف خلية منها ماهو مسجل ومنها ماهو غير مسجل، وأشار العم نغيمش أن المناحل في ازدياد ولله الحمد عكس المزارع، ونوه العم نغيمش إلى أن العسل الذي يستخرج من منطقة الفقرة يعتبر من أجواد أنواع العسل في المنطقة، ويعد ذا جودة عالية جدًا نظرًا لأنواع النباتات وطبيعة الجبال، لذا يرتفع ثمنه دونًا عن أي عسل من منطقة أخرى.
الخاطر والنوايل
انطلقنا بعد ذلك إلى منطقة تسمى الخاطر أو»النوايل» الذي يوجد في أعلاها قصر الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله. واستطعنا أن نرى بالعين المجردة أنوار ينبع البحر والهيئة الملكية وينبع النخل من الجهة الغربية، وأكد لنا العم نغيمش أن الجيل السابق كان ينظر من هنا إلى ميناء ينبع ويستكشف وصول «البوابير» السفن القادمة لكي يذهبوا ويأتوا بالأرزاق وأيضًا من نفس الموقع من الجهة الشرقية تستطيع أن ترى بالعين المجردة أنوار المدينة المنورة ومنارات المسجد النبوي الشريف.وإضافة إلى الطرق المسفلتة لتتمكن من الوصول بسهولة لقمة الفقرة وتستمع بأجوائها تجد أيضًا أن جميع وسائل الاتصال متاحة فتغطية الشبكة جيدة، والكهرباء موجودة، وأيضًا بعض الاستراحات موجودة ولكن تحتاج إلى تطوير لتصبح بحق المصيف الأول، كما يوجد في القرية السياحية جامع لكل الصلوات وصلاة الجمعة بخلاف المساجد المنتشرة في الفقرة. وعلى صعيد آخر فلا يوجد مركز صحي ولا مدارس وقد يكون هذا بسبب قلة عدد السكان.
جبال الأشعر والأجرد
وأوضح العم نغيمش أن من أشهر جبال الفقرة، جبلا الأشعر والأجرد، وسمي الجبل بالأشعر نسبة إلى امتلاء جبالها بالأشجار وخصوصا شجر العرعر والعتم، في حين سمي الجبل الآخر بالأجرد لعدم وجود النباتات أو الخضرة فيه، وهو جبل يقع إلى الشمال الغربي من الفقرة، جبل مستقل عن الفقرة وهو بعيد بعض الشيء.
“الفقرة” تداعب عاشقيها بالنخيل والعسل
تاريخ النشر: 19 أبريل 2012 04:25 KSA
تحتل «الفقرة» مصيف المدينة الأول مكانة كبيرة فى ذاكرة السياح وعلى الرغم من مفردات السياحة العالقة فى أذهان الكثيرين والتى لا تخرج عن البحار والمتنزهات وغيرها إلا أن الفقرة قدمت وجهًا سياحيًا مغايرً
A A