مبروك علينا ميلاد هيئة جديدة، هي الهيئة العامَّة للعقار. طبعًا توالد الهيئات سمة غالبة على تنظيمنا الإداري، وهي ظاهرة قد تكون صحيَّة، إذا كان أداؤها لائقًا، وعائدها يوافق المأمول منها.
ولستُ أدري إنْ كانت هذه الهيئة تلعب في الوقت الضائع، بمعنى أنَّها قد وصلت مُتأخِّرة، أم أنَّ الوقت مناسب فعلاً. أولاً قطاع العقار يعاني حاليًّا من سكتة دماغيَّة، نرجو ألاَّ تطول، وأن يكون طبيبها هذه الهيئة الموقرة.
وليس جديدًا القول بأنَّ قطاعنا العقاري عانى -ولا يزال- من تشوُّهات هيكليَّة، جعلته من الأغرب على مستوى العالم، بدءًا بالمساحات البيضاء التي امتلكها هوامير العقار بأبخس الأثمان، فباعوا منها ما شاءوا، وجنوا مئات الملايين من الريالات التي دفعها المواطن «مُجبر لا بطل»، إذ لا خيار له ولا بديل، وانتهاءً بالأسعار المبالغ فيها لأراضٍ خلا معظمها من البنية التحتيَّة الأساسيَّة، فعاش المالك في داره البعيدة ينتظر خدمة تلو الأخرى من الكهرباء، إلى الهاتف، والصرف الصحي، وطبعًا خدمة الماء بلا انقطاع.
الأمل الكبير أن تكون العروس الجديدة عونًا للمواطن، فتقف في صفِّه ضد الهوامير، وأن يكون هذا شأنها منذ مولدها، فلا تنتهج ما انتهجته هيئات أخرى يشعر المواطن تجاهها بالانحياز، والوقوف مع الأقوياء ضده، مثل هيئة الاتِّصالات وتقنية المعلومات التي هي في صف شركات الاتِّصالات دومًا؛ متحجِّجة بأنَّ الشركات المعنيَّة قد دفعت مبالغ طائلة مقابل إصدار تراخيص مزاولتها للنشاط، فهل ذلك منطقي وعادل؟!.
الإشكاليَّة الأخرى عن مدى تقاطع أدوار الهيئة الجديدة مع القطاعات الأخرى، مثل البلديَّات، والكهرباء، والماء! هل ستحل محل البلديَّات في مراقبة كثير من الغثاء السكني الذي يُبنى على جرفٍ هارٍ من الغشِّ، والتدليس، والجشع! أم أنَّها ستكتفي بدور الواعظ والموجِّه عن بُعد؟ هل سيكون لها حق التشريع العقاري بالكامل، أم أنَّها ستتنازع الصلاحيَّات والأدوار مع غيرها؟!
أملٌ أخيرًا ألاَّ تمارس الهيئة الجباية من عامها الأول، فإن هي فعلت لزمها أنْ تُقدِّم خدمات في المقابل، تُعيد الثقة للقطاع بأسره، كما تُعيد البسمة لأهله.