هذا العدد الذي ذكرته المدينة (23 يناير) يمثل عدد البحوث التي أجريت في المملكة عن الإرهاب، منها 22 رسالة دكتوراه، 95 كتاباً، 92 رسالة ماجستير. ومنها أيضاً 617 دراسة نظرية ذُكر أنها لا تمت للواقع على النحو المأمول، إذ تعتمد على مراجعة الأدبيات السابقة، وربما الاعتماد عليها في استصدار النتائج والتوصيات.
لن أخوض في التفاصيل، لكن أشير فقط إلى مجالات أخرى أجريت فيها مئات الدراسات، لكن المحصلة في النهاية ضعيفة جداً إذا ما قُورنت بما تم في الميدان من تطبيقات هزيلة. أما الأسباب فيصعب حصرها، لكن منها حتماً عدم قناعة المتلقي أو المستفيد المفترض بهذه البحوث، بل إن كثيراً منها يُوصف بأنها نتائج لا جديد فيها، أي كلام (معروف) أو (مكرور)، وبعضها كذلك فعلاً. وكما أشارت الصحيفة، فإن نسبة 83% منها نظرية مكتبية، (أي لا تعدو أن تكون نقولاً عن بحوث سابقة، أو وجهات نظر فردية).
خذوا مثلاً آخر: البحوث التي أجريت عن تلوث بيئة البحر الأحمر، وأحسبها بالمئات، منها على الشعب المرجانية، وأخرى على الشواطئ، وأبحاث تناولت الآثار السلبية على الثروة السمكية والحياة البحرية وغيرها. ومع ذلك، فالحال مستمر والبحر ملوث، والضرر بالغ، ولا جديد.
وثمة بحوث اجتماعية وصحية أخرى بالمئات تناولت الأسرة والفرد والانحرافات السلوكية والجنسية والطلاق والعنف والمشكلات التربوية والإنسانية. ومع ذلك، فلم أسمع يوماً عن قرار تصحيحي بُنى على نتائج دراسة بحثية عميقة. كثيراً ما تنطلق قراراتنا بناء على قناعات واجتهادات شخصية تُعد أحياناً من (المسلمات)، أو نلجأ إلى استيراد حلول لا تناسب أوضاعنا وبيئتنا وخلفياتنا الاجتماعية والتربوية.
ومع ذلك، فالأساس أن البحث العلمي ليس هدراً مالياً بالضرورة، لكن عدم ترشيد الإنفاق عليه يدخل في باب التبذير المنهي عنه. في مثل هذه القضايا يُعد البحث العلمي خدمة مدفوعة، فإذا لم يستفد منها ممولها أو غيره ممن له صلة بها، فما جدواها إذ لا عائد من ورائها!!
هذه الإحصائية هي نموذج لتكرار غير مطلوب ولا مرغوب.