كلما حدثت قضية معينة في مجتمعنا ظهرت في الأفق أصوات متعددة تحض على تعميق الفرقة والخلاف والتشكيك في النوايا والأهداف وتقسيم المجتمع إلى فئات والابتداء في فرز المسؤولين بشكل خاص والأفراد بشكل عام لتحديد توجهاتهم وانتماءاتهم بناء على تلك القضية التي حدثت حتى أصبحنا نعمد إلى التركيز على التشهير والتخوين أكثر من تركيزنا على الإصلاح ولم الشمل وبحث سبل التوافق وتوحيد الأهداف من أجل حفظ أمن واستقرار مجتمعنا.
نشرت بعض وسائل الإعلام مؤخراً اتهام هيئة التحقيق والادعاء العام أحد الخطباء بالمنطقة الشرقية باستغلال منبر المسجد في التحريض على ولاة الأمر ودعوة الناس لإثارة الفتنة والطائفية، وقد عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض الأسبوع الماضي جلسة لمحاكمة ذلك الخطيب في عدة تهم من أبرزها تحريض الناس على ولاة الأمر وشق عصا الطاعة وتأليبهم على ولاة الأمر والنيل من العلماء وأمثال هؤلاء إنما يسعون ومن خلال تلك المنابر إلى نشر الطائفية والتفريق بين فئات المجتمع من جهة وبين المجتمع والقيادة من جهة أخرى.
اليوم هناك منابر أخرى أصبحت موجودة ولكن ليست في المساجد بل على وسائل التواصل الاجتماعية والتي قد تكون أخطر بكثير من منابر المساجد لأن تلك الدعوات تصل إلى الملايين خلال ثوانٍ معدودة وتركز تلك الدعوات على التحريض لتقسيم المجتمع إلى فئات بناءً على الاختلاف في قضايا محدودة في مجتمعنا، وكلما ظهرت قضية ما كلما حرص أولئك على تأكيد ذلك التقسيم مرة أخرى والتأكيد على صحة تنبؤاتهم والتحريض على إشاعة الفوضى والمعارضة ضد أي تغيير دون دراسته أو التفكير فيه.
مجتمعنا مقدم على تغيير اجتماعي قد انطلق وفق رؤية 2030 وبرنامج التحول 2020 وهذه الرؤية وذلك البرنامج يسعيان لتحقيق هدف أول لقيادة هذا الوطن وهو (أن تكون البلاد نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة) وأن يكون وطننا (دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع ، دستورها الإسلام ومنهجها الوسطية ، تتقبل الآخر ) وبلادنا هي قبلة المسلمين وثروتنا الحقيقية تكمن في ديننا الإسلامي وفي مجتمعنا وأفراده وفي وحدتنا الوطنية وهي مصدر اعتزازنا وتميزنا ، وكل تغيير سيصحبه اختلاف وتحديات ومقاومة وسيستغل بعض ضعاف النفوس هذه المرحلة لتحقيق أهدافهم الرخيصة ،غير أننا على ثقة بأن مبادئنا الإسلامية وطاقتنا وإمكانياتنا واعتزازنا بهويتنا ستقف ضد أولئك المحرضين وتَحُوْلَ دون تحقيق أهدافهم .