بلغ عددُ المساجد والجوامع في السعوديَّة، عند نهاية العام المالي 1436هـ - 1437هـ (98.577 مسجدًا وجامعًا)، وذلك بحسب تقرير إحصائي صادر عن وزارة الشؤون الإسلاميَّة، ونشرته صحيفة الرياض في التاسع من ديسمبر الماضي.
فإذا أضفنا لذلك العدد، ما شُيِّدَ من مساجد بعد ذلك، فربما نصل إلى محطة الرقم (100.000 مسجد أو يَزيد)، والآن دعونا نفترض رؤية جديدة في التَّعاطي مع تلك المساجد، وفي خدمتها لمحيطها الاجتماعي:
* أولاً: الإمامة في الجوامع والمساجد تصبح وظيفةً رسميَّةً مُصنَّفةً من الخدمة المَـدنيَّة يُسَكّن فيها المؤهلون من خريجي الكليات الشرعيَّة بعد اجتيازهم لدبلوم عالٍ متخصِّصٍ، فهذا الإجراء سيخلق أكثر من (100.000 وظيفة) للشباب، وسيجعل الأئمة متفرِّغين لرعاية مساجدهم، والإفادة منها في تنفيذ محاضرات وبرامج شرعيَّة وتوعويَّة وتعليميَّة؛ ودورات تدريبيَّة، بموافقات وتكليفات رسميَّة من الجهة المختصة.
* ثانيًا: أن تكون لكلِّ مسجد هيئة إشرافيَّة يتمُّ انتخابها من جَمَاعَتِه، بمعرفة وإدارة شؤون المساجد، مهمَّتها: الاهتمام بالمسجد، ورعايته، وترشيح إمامه، ومتابعة برامجه وخدماته، وتلك الهيئة ستكون بالتنسيق مع الشؤون الاجتماعيَّة بمثابة مجلس للحَيِّ يتابع أحواله وقضاياه ومستجداته.
* ثالثًا: أن تُلْحق بكلِّ مسجد مكتبة ورقيَّة وإلكترونيَّة تفتح أبوابها لطالبي الثقافة والمعرفة، على أن تشتمل على قاعة تدريب صغيرة ومناسبة.
* رابعًا: أن يشتمل المسجد على وحْدة لغسيل الكلى، وعيادة طبيَّة، يكون الكشف فيها مجانًا للمستفيدين؛ وذلك بالتعاون مع الجمعيَّات الصحيَّة الخيريَّة، والأطباء المتطوِّعين.
* خامسًا: أن تكون للمسجد أوقاف تساعـد في الصَّرْف عليه، يساهم فيها أهلُ الخير؛ فهذا سيُخفِّف من الأعباء الحكوميَّة في هذا الميدان، كما سيضمن المحافظة على المسجد، وديمومة عطائه وبرامجه.
* أخيرًا في رحلات علميَّة وتدريبيَّة في دول مختلفة، رأيتُ الكنائس هناك خليَّة نَحَل طوال اليوم (دروس ومحاضرات، ودورات تدريبية، واستقبال، وتوزيع للصدقات، وفيها مكتبات عامَّة للثقافة والاطِّلاع، وأخرى تجاريَّة تبيع المطبوعات الدينيَّة)، ومن يومها وأنا أتساءل: متى تُفتَح مساجدنا؟! ومتى تعود لممارسة رسالتها في عصور إسلاميَّة سابقة، عندما كانت حاضنةً للعبادة، والتَّعليم، والشورى، والقضاء، وإدارة مصالح الناس؟!.