في الوقت الذي تخوضُ فيه بلادُنا معركةَ وجودٍ مع الفرسِ، من البحرين إلى اليمن، وتضحِّي بدماء أبنائها ومقدَّراتِها؛ دفاعًا عن حاضرنا ومستقبلنا، يخرجُ كلَّ يومٍ قارضٌ من قوارض القطيف، الذين أدمنوا ثقافةَ الرصاص، ورائحةَ الدم، وفكرَ الكراهية، بعمليَّة اغتيالٍ، أو خطفٍ لمن يختلف معهم في فكرهم، بمؤازرةٍ من ملالي طهران، وحرسها الجمهوريِّ، وتحفيزٍ من بعض المعمَّمين في الداخل.
هؤلاء مع أنَّهم قلَّةٌ قليلةٌ، ولا يمثِّلُونَ أبناء القطيف الذين يعلنون ولاءهم، ويحذرون من خطورة هذه القوارض على تمزيق شبكة النسيج الاجتماعيِّ، وإحداث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فإنَّ صوتَهم عالٍ، وقوة تدميرهم متنامية.
بدأوا بمضايقة المختلف معهم عقائديًّا، ثمَّ باغتيال رجال الأمن الذين يسهرون على راحتهم، بعمليَّات قنص منظَّمة، ومتتالية، ضاربين بأنظمة البلد عرض الحائط، ولم يكتفوا بذلك، بل سعوا جاهدين إلى كبت كلِّ صوت يختلف معهم، ويحذر من خطورة أفكارهم، فقاموا بخطف القاضي في دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف، الشيخ محمد الجيراني، الذي منذ خمسة أشهر في حكم المفقود، مع نجاح الأجهزة الأمنيَّة في القبض على ثلاثة من المشاركين في عمليَّة الاختطاف الذين ظهر عليهم صغر حداثة السنِّ؛ ممَّا يؤكِّد خضوعهم لغسيل فكريٍّ منظَّم، جعلهم يقدِمون على هذا الجرم الشنيع.
وعندما شرعت أمانةُ المنطقة الشرقيَّة في تحسين حيِّ المسورة القديم بالعواميَّة، الذي يضم 488 منزلاً آيلاً للسقوط، خرجت القوارض من مخابئها، وهاجمت فريق العمل، وحاولت اغتيال عضو المجلس البلدي السابق بالقطيف، الذي نجا بأعجوبة من رصاص الغادرين، وهي المرَّة الرابعة التي يتعرَّض فيها لمحاولة اغتيال؛ لأن إزالة الحي ينتزع من هذه القوارض البيئة التي تنشط فيها لممارسة القتل والتدمير.
وكل يوم يفجؤنا خبر جديد بشرور هذه القوارض، حتى أصبحت حوادثُ الخطف والاغتيال والاعتداء على المواطنين، ورجال الأمن، وتدمير الممتلكات الخاصَّة والعامَّة وجبةً يوميَّةً على أطباق الفضاء المفتوح.
آخر إنجازات هذه القوارض هي اغتيال رجلي الأمن هاشم الزهراني، وعبدالله الدلبحي في استراحة خاصَّة بسيهات يوم الجمعة الماضي من قبل خمسة من الملثَّمين الذين يحملون أسلحةً رشاشةً، وما زالت الأجهزة الأمنيَّة تلاحقهم، وسيكون جزاؤهم رادعًا بعون الله.
هاشم الزهراني، وعبدالله الدلبحي لن يكونا الأخيرين في حفلة هذه القوارض، ولهذا فإنَّ نزع الشرعيَّة عنهم، وتجفيف البيئة الحاضنة لهم، وردم المستنقعات التي يتكاثرون فيها بحاجة إلى حزم لا يلين، وواجب أبناء القطيف الشرفاء أن يعلنوا بصوتٍ واحدٍ براءتهم من هذا الفكر المتطرِّف، وأن يتصدُّوا لمن يسعى للزج بهم في أتون معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وعلينا أن نقف صفًّا واحدًا ضد هذا الفكر أيًّا كان مصدره، فالمعركة مع هؤلاء طويلة، وبحاجة إلى عزيمة لا تلين، فلا يفل الحديدَ إلاَّ الحديدُ.
رحمَ اللهُ شهداءَ الوطن، وربطَ على قلوبهم وذويهم ومحبيهم، وعوَّضهم في مصابهم خيرًا، ونصر جنودنا، وحمى حدودنا، وردَّ كيد الكائدين في نحورهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، إنَّه على كل شيء قدير.