تصحيح وضع المرأة، وتحسين حياتها، عن طريق القرارات الملكية والأوامر السامية، رغبة أكيدة لولي الأمر بإزالة العوائق والمنغصات التي تعيق تمكين المرأة، مثل شرط «موافقة الولي» الذي جُعِل سنداً نظامياً في كل الجهات والمؤسسات التي تعمل فيها المرأة أو تتعامل معها، مثلاً: لا تستطيع المرأة أن تجري جراحة إلا بموافقة ولي الأمر، لا تستطيع استئجار غرفة في فندق أو شاليه في منتجع سياحي لاصطحاب أبنائها مثلاً والترفيه عنهم إلا عن طريق ولي الأمر، حتى لوكان لا ينفق أو هي من تتحمل نفقات أولادها، وعندما تعترض المرأة أمام تلك الجهات بصفتها بالغة راشدة تملك قرارها، وكي لا تذل باستجداء «ذكر» لن يتحمل عبئاً أو مسؤولية مادية أو معنوية عنها وعن أسرتها يظهر «السند النظامي» شفوياً بقولهم «هذه هي التعليمات»!
هنا يظهر هذا الاهتمام الملكي الكريم بهذه الأساليب التي تكون أحياناً فردية وأحياناً أخرى «سداً للذرائع» كما يقولون، كل يصيغه على هواه، دون أي سند نظامي، ودون توجيهات من الدولة، فقد طالبت التوجيهات الملكية «جميع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات للمرأة بنشر تلك التعليمات والإجراءات المعمول بها في مواقعها الرسمية». إذن على المرأة الوعي بحقوقها المدنية طالما أن خلفها قوة رسمية تعمل على إزالة العوائق لتمكينها، وأكبر عائق هو «موافقة ولي الأمر».
بعض من أمسك بين يده أمر امرأة -زوجة، ابنة، أم ، أخت، قريبة- يستغل هذا الشرط للتنكيل بالمرأة في حالة الخلاف، يسحب موافقته من عملها، فتجد نفسها وقد فصلت من العمل دون ذنب اقترفته وتفقد مصدر دخلها لأن ولي الأمر الذي يملك أمر كل تفصيلة من تفاصيل حياتها راق له أمر إذلالها وفصلها من عملها دون إحساس بالمسؤولية أو رفة ضمير أو خوف من الله على ما يقترفه في حق المرأة التي أوكل إليه أمرها.
قصص وحكايات لا تحصى عن تنكيل بعض أولياء الأمور بمن ينتسبن لولايتهم، أو الابتزاز لتحصل على موافقته، وربما هي من ينفق عليه وتنفق على نفسها وعيالها لكنه يمتلك حقاً يسنده نظامياً، ولكن مع الأمر السامي زال هذا السند، وأعتقد أن عبارة «ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفق الشريعة الاسلامية» ستحد من كثير من الممارسات الاجتهادية التي تحدث في القطاعات الخدمية لأن الشريعة الاسلامية لم تقيد المرأة لكن بعض الفقهاء هم الذين وضعوا قيوداً على حركة المرأة وألبسوها لباساً شرعياً، لذلك أرى أن تكليف خادم الحرمين الشريفين في الأمر السامي الكريم هيئة حقوق الانسان «لتتولى بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية وضع ما يلزم من برامج للتعريف بالاتفاقيات الدولية التي انضمت اليها المملكة، وذلك من خلال وضع خطة شاملة للتوعية بحقوق المرأة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والتدريبية، على أن يشمل ذلك توضيح البنود التي تحفظت عليها المملكة في تلك الاتفاقيات وطبيعة التزامات المملكة بهذه الاتفاقيات» يمثل نقلة نوعية في التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني وإشراكها في مراجعة وتقييم الأعمال التي تدخل في اختصاصها، كحقوق المرأة، وأيضاً خطوة مهمة على طريق زحزحة بعض الصخور والعقبات من طريق تمكين المرأة وهو بند مهم من بنود كافة الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، كذلك اهتم الأمر السامي بـ»التعميم على جميع الجهات الحكومية المعنية بعد الموافقة على المقترحات التى رفعتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء لحل الإشكالات فيما يتعلق بحقوق المرأة.. وضرورة مراجعة الاجراءات المعمول بها لديها ولدى الأجهزة المرتبطة بها ذات الصلة بالتعامل مع الطلبات والخدمات المقدمة للمرأة، وحصر جميع الاشتراطات التي تتضمن طلب الحصول على موافقة ولي أمر المرأة لاتمام أي إجراء أو الحصول على أي خدمة مع إيضاح أساسها النظامي والرفع عنها في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ صدور الأمر»، هذه الفقرات تؤكد حرص خادم الحرمين الملك سلمان على تمكين المرأة، فالفقرة السابقة تستقصي وتستبين «السند النظامي» لموافقة ولي الأمر الذي تستند إليه المؤسسات أو الجهات ذات العلاقة بتقديم الخدمات للمرأة، لشطبه وتحرير السعوديات من قيده إن لم يتفق مع أحكام الشريعة.