ما أن غادر باراك أوباما البيت الأبيض، وتسلم خلفه دونالد ترامب إدارة الحكومة الأمريكية حتى وجد الإيرانيون ظهورهم مكشوفة في معركة غير متكافئة، ساعتها أدرك لاعبو الشطرنج المحترفون، ونساجو السجاد الماهرون أن اتفاقية البرنامج النووي لم تكن سوى فخّ نصبه الرئيس صاحب القفازات الناعمة، ووقع في حبائله الوزير المبتسم محمد جواد ظريف.
لا العقوبات رفعت، ولا شركات الاستثمار ورؤوس الأموال تدفقت كما وعدوا، ولا الحظر عن الأموال المجمّدة تم رفعه، ولا الحرس الثوري ومليشياته المتكاثرة كنبات الفطر السام نجحوا في زعزعة أمن البحرين، وطمس عروبة العراق، وإخضاع اللبنانيين لشروط حزب الله، ولا تمّ كسر إرادة الشعب السوري الذي يقاتلهم وحيداً منذ ست سنوات، ولا قبل اليمنيون والخليجيون بمشروع انقلابي في اليمن فارسي الوجه واليد واللسان.
العالم كله اليوم يجد عمائم الملالي وأصابعهم وبقايا مقذوفاتهم في كل حفلة موت من حلب إلى تعز، فاللاعبون المحترفون والنساجون الماهرون فشلوا اليوم في خداع العالم، الذي يجد الحقائق ماثلة أمام عينيه في طلائع فرق الموت، وحركة الإرهابيين، وتنامي المليشيات، واستمرار تصفية المعارضين السياسيين، و حرق البعثات الدبلوماسيّة، الاختفاء خلف الإصبع لم يعد ممكنا في معركة تدور أمام عدسات البث المباشر.
مع هذا النظام الدموي خاضت المملكة معارك دامية غلبت فيها لغة الدبلوماسيّة، وامتصاص الصدمات، ولم تحصد سوى الهشيم، فكانت المواجهة الشاملة دبلوماسياً وعسكرياً من صنعاء إلى بيروت، ونجحت في إفشال مشروع الهلال الشيعي، وكشف الأقنعة عن هذا النظام الدموي، الذي يقف وراء كل هذا الخراب.
اليوم يختار الرئيس الأمريكي في أول زيارة له خارج الولايات المتحدة الأمريكية المملكة العربية السعودية، لتمتين علاقة تاريخية بين البلدين شكلت حائط صدّ ضد جنون هذا النظام، وبناء تحالفات جديدة ضد الإرهاب الذي يشكل هذا النظام حاضنته الكبرى، وعقد ثلاث قمم كبرى تبدأ بالقيادة السعودية ثم بقادة دول مجلس التعاون ثم بقادة التحالف الإسلامي. يجري كل هذا ونظام الملالي يراقب من ضفة الخليج ما يجري على أرض المملكة، ويحاول جاهدا تمزيق أغلال عزلته التي صنعها لنفسه بالصراخ، وإعلان الويل والثبور.
وحين يخفت صوت جنرالات الحرس الجمهوري يبدأ بعض المغردين العزف على وتر الحقد المشدود من الضفة الأخرى، وتشرع البنادق المستأجرة من إعلاميي الصمود والتصدي بدء القصف العشوائي، وإقامة حائط مبكى على مستقبل دول الممانعة وعلى رأسها نظام الملالي الذي استمرأ المتاجرة بقضايا الأمة وقنواته الفضائية تبث عبر القمر الإسرائيلي.
المعركة القادمة لن تكون في المنامة ولا بغداد ولا دمشق ولا بيروت ولا صنعاء، ستكون في طهران، من خلال الشعب الإيراني الذي ضاق ذرعا بهذا النظام الدموي الذي أفقره، وزرع كراهيته في كل مكان، وكان حفل استقبال حسن روحاني من قبل عمال (آزاد شهر) الغاضبين رسالة شديدة الوضوح للملالي ولقوات الباسيج الذين لم يعودوا يكتفون بتجارة الزعفران والفستق والسجاد بل أصبحوا يتاجرون بمصير شعب بأكمله حتى أصبح من أكثر شعوب العالم فقرا، وبحثا عن الكرامة الإنسانية.