نحن لسنا أفضل من غيرنا ، لكننا كذلك لسنا أسوأ منهم. فلماذا إذن يصر الاستاذ المالكي على التعميم المخل..؟ اقرأ هذه الفقرة من مقاله : «إذاً فكل جرائم العرب وبشاعاتهم ظهرت قبل وجود إسرائيل وإيران وأمريكا ورمي الأسباب على الآخرين هو من ذلك المكر نفسه ،العرب سبب بلاء العرب!» .
اسمح لي فإنني لن أصدقك حتى تجيبني: هل قمنا نحن العرب بإبادة ما يقارب المائة مليون من شعبي الهنود الحمر والأبروجينز في كل من أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وأمريكا الجنوبية..؟! هل نحن من ضرب المدن السكنية بالقنابل النووية..؟! هل نحن من احتل فلسطين وقتل جزءاً من شعبها وطرد وحاصر البقية..؟! هل نحن من تسبب في قتل مليون ونصف المليون من شعب العراق، وتشريد خمسة ملايين آخرين في السنوات الخمس الأولى من احتلالها..؟! ألا تعرف أن القوانين الدولية تعتبر أن دولة الاحتلال مسؤولة مسؤولية كاملة، عن فرض الأمن والحفاظ على أرواح وممتلكات الشعب الذي تقوم باحتلال أراضيه ..؟! ،هل نحن من استعمرنا الجزائر وخلفنا فيها ما يربو على مليون ونصف المليون قتيل، ثم رفضنا تقديم مجرد اعتذار رسمي لها عن تلك الفترة، في حين يُجبر الألمان على دفع تعويضات للصهاينة حتى الآن ؟!
هل نحن من قام بممارسة الإبادة الجماعية في فيتنام..؟! هل نحن من اخترعنا القاعدة كما تزعم أنت ..؟! هيلاري كلينتون قالت بأن القاعدة كانت صنيعة أمريكا، فهل أصدقها أم أصدقك..؟ وإذا اخترت أن أصدقك وأكذبها ، فعلى أي أساس..؟! .
ولتسمح لي بطرح سؤال ترددت كثيراً قبل طرحه : لماذا نشرت مقالك هذا في هذا التوقيت بالذات ..؟ ولماذا تزامن ذلك مع ما كتبته على حسابك بتويتر، حيث قلت بأن رأيك في صلاح الدين الأيوبي، لا يختلف كثيراً عن رأي يوسف زيدان الذي قال بالحرف : « صلاح الدين الأيوبي واحد من أقذر الشخصيات في التاريخ الإنساني»؟! ،هل يجهل من كان مثلك أن صلاح الدين رغم كل سلبياته ، يظل الرمز الأكبر لعروبة القدس ، ولعروبة فلسطين..؟! ألم تقرأ ، أن قائد القوات الفرنسية الجنرال غورو ، داس بقدمه القذرة على قبر صلاح الدين حال احتلال دمشق خلال الحرب العالمية الأولى ، ثم قال قولته الشهيرة : « ها نحن عدنا يا صلاح الدين «؟!.
ما هو السر في هذا التزامن العجيب بين نشر المقالة والتغريدة، وبين حلول الذكرى التاسعة والستين للنكبة..؟! .
لقد كان الأولى بك أن تكتب في هذا التوقيت عن إضراب الكرامة بدلاً من الحديث عن جرائم وقعت خلال التاريخ الموغل في القدم..! كان الأولى بك في ذكرى النكبة ، أن تتحدث عن ملايين الرموز الخيرة الحرة والتي خرجت من بين ظهرانينا منذ تأسيس دولة الكيان.. نعم .. رموز هذه الأمة لا تقتصر على الزعماء والقادة والمفكرين والعلماء والفنانين... نحن الأمة الوحيدة التي لا تزال تنجب حتى الآن، ملايين الرموز من عاماتها ومن أناسها البسطاء الطيبين..؟! إذا كنت لا تعتقد أن الأم الفلسطينية التي تزغرد حال استشهاد ابنها رمزاً، فبالتأكيد هذه مشكلتك..! وإذا كنت لا تعتبر الطفل الفلسطيني الذي يطارد الدبابة بحجر رمزاً، فهذه أيضاً مشكلتك..! وإذا كنت لا ترى في إضراب الأسري رمزاً غير مسبوق في تاريخ النضال البشري من أجل الحرية، فتلك أيضاً مشكلتك..! وإذا كنت لا تعتبر أن صمود شعب كامل تحت الحصار والاحتلال لسنوات طويلة رمزاً ، فتلك مشكلتك .. وإذا كنت لا ترى أن آلاف الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال رموزاً مضيئة يستلهمها كل حر في العالم ، فاسمح لي بأن أقول لك : إن مشكلتك سيدي ليس لها حل أو علاج .
يا أستاذ حسن : اتق الله في عقولنا.. اتق الله في ضمائرنا.. اتق الله في فلسطين !!.