في لغة انفعالية وخطاب شوفيني فارسي مُتكرِّر، هاجم علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية المملكة العربية السعودية في كلمة ألقاها أمام قبر الخميني في مراسم إحياء ذكرى وفاة الأخير.. وهكذا خطاب ولغة أصبحت معروفة الأهداف والأسباب، وفي مقدمتها حنق الإيرانيون من المكانة، التي تحظى بها المملكة عربيًا وإقليميًا وعالميًا، كما أن أحد أهم تلك الأسباب، والتي لا يمكن للفرس نسيانها، بغضهم الشديد للعرب منذ أن نزلت الرسالة المحمدية بينهم، واختصهم الحق سبحانه وتعالى بيت النبوة، وجعل الحرمين الشريفين في أرض العرب وقلبها، وهي اليوم وبكل اعتزاز المملكة العربية السعودية.. والفرس وهم يشاهدون ملايين المسلمين يتوجهون خمس مرات في اليوم باتجاه هذه الأرض المباركة، ويشاهدون وعلى الهواء مباشرة انسيابية أدائهم لمناسك الحج والعمرة، وتوفر الخدمات الهائلة، التي تقدمها المملكة العربية السعودية برضا وقناعة يزداد غضبهم وحنقهم، وترتفع سرعة حركة دمائهم الفارسية لحد الغليان.
خامنئي ومن ألمٍ كبير وهو يدرك ما حققته القمم الثلاث، التي نجحت المملكة في عقدها في الرياض أراد أن يُقلِّل من شأن نتائجها، ليُحقِّق بذلك على أقل تقدير رضا داخل المجتمع الإيراني، وشعور بالأمان، خاصةً أن الاتفاقية الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية أكدت على التعاون العسكري وحماية أمن المنطقة، وتحديدًا من التهديدات الإيرانية الفارسية. إضافة إلى سلوك ولغة المسؤولين الأمريكيين بما فيهم الرئيس دونالد ترامب والتي تُؤكِّد كلها على ضرورة تحجيم إيران وسياستها التوسعية.
خامنئي وصف تلك الاتفاقيات بـ»الرشوة»، وهو يدرك أن ما حدث كان علنيًا وأمام الجميع وكاميرات الإعلام، وأن الاستفادة من خدمات وامتلاك أسلحة وأنظمة دفاعية متطورة لا يكون مجانًا، بل بمقابل، وهذا أمر معروف ومعتمد في كل القوانين والشرائع والأنظمة، لكنه الحقد الدفين الذي يعمي صاحبه عن البوح بالحقيقة والاعتراف بها.
والأدهى أن مرشد الثورة وصف نجاح المملكة في قطع يد إيران في اليمن وكشف مخططاتها التوسعية في البحرين ومنطقة الخليج العربي بأنه «غير منطقي»، كما حاول أن يتباكى على حال المسلمين في كل من البحرين واليمن وسوريا وليبيا بقوله: «يعاني المسلمون الصائمون فيها العديد من المشكلات»، وهو يدرك والعالم كله يعرف أن أسباب تلك المعاناة وجود مليشيات وقوات الحرس الثوري الإيراني، وأسلحة وأموال إيرانية تعيث في تلك البلدان الفساد، وتنشر الفوضى والخراب.
القرار السعودي الحازم والحاسم في بدء عاصفة الحزم أصاب خامنئي وغيره من القادة الإيرانيين الفرس باختلال توازن، وسد عليهم أبواب آمال كبيرة كانوا يمنون بها أنفسهم في تطويق المملكة من كل مكان، فلم يجد شيئًا يصف به تلك الخطوة سوى أنها: «لن تنتصر».
لن يُغيِّر الفرس أبدًا من سياستهم تجاه العرب، ولن يغفروا لهم أبدًا إبعادهم عن قيادة الأمة الإسلامية بإرادة إلهية، وسيبقون دائمًا مفرزين لصديد وخطابات منفلتة، كما هي كلمة خامنئي الأخيرة.