يعاني سكان المملكة من نقص في موارد المياه الطبيعية لمحدوديتها، فأمطارنا شحيحة وليس لدينا أنهار، أو مسيلات مائية دائمة الجريان، وبذلك أصبح اعتمادنا شبه كلي على تحلية مياه البحر التي تُزوِّدنا بكمياتٍ كبيرة من المياه العذبة لسد احتياجات السكان، والتي تكلّفنا كثيرا من حيث الإنشاء، والصيانة، والتشغيل، واستهلاك الوقود، لتوفير الحد الأدنى من مصدر ديمومة حياة الإنسان.
الترشيد في استهلاك الماء واستخداماته المختلفة مطلب ديني ووطني، ومن الأسباب الرئيسة لرفاهية الإنسان، وقد كان للتوجيه النبوي الكريم: «لا تسرف وإن كنت على نهر جار»، أبلغ الأثر في نفوس المسلمين بوجه عام، ولسكان المناطق الجافة بوجه خاص. وقد حرص مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- على راحة السكان وتلبية احتياجاتهم الضرورية ومن أهمها وأبرزها توفير الماء العذب الزلال خاصة في المناطق التي هي في أمس الحاجة للمياه العذبة التي تعاني من نقصٍ حاد في المياه النظيفة لقلة أمطارها وضعف مواردها من المياه الجوفية ومن أهمها: مدينتي جدة ومكة المكرمة. وقد أجرى -رحمه الله- العين العزيزية لتكون «هبة» الملك عبدالعزيز لأبناء هذا الشعب الكريم، وقد سعد الناس بوصول الماء إلى منازلهم وبأسعار لا تُذكر، وقد تمر عدة سنوات بدون دفع أي رسوم لفاتورة الماء.
الآن الوضع تغيَّر كثيراً، توسعت المدن والمحافظات، وأصبحت أعداد السكان «مليونية» وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه العذبة، وأصبح الهدر واضحاً، وصاحبه زيادة في الاستهلاك فاقت كل التوقعات، ولذا كان لزاماً وضع تسعيرة للماء للحد من زيادة الهدر والاستهلاك غير المبرر للماء.
أُسند الأمر إلى شركة المياه الوطنية التي غالت كثيرا في تسعيرة الماء، ورفعت فواتيرها بشكل لافت أرهق كاهل المواطنين خاصة المرتبطين بالشبكة، أما الجزء الآخر من السكان الذين لم تصلهم الشبكة والخاضعين لنظام «الصهاريج» لفترة طويلة منذ عدة سنوات، فقد أصبح قيمة الصهريج (133 ريالا) حمولة (19 طنا)، والذي كان يُكلِّف وزارة المياه والكهرباء سابقاً عشرات الريالات، ولا يكلف المواطن سوى ريالات معدودة فقط بفضل الدعم اللامحدود من قِبَل حُكَّام هذه البلاد -رعاهم الله- لهذه السلعة الغالية.
ولأجل أن نحقق المطلوب نقترح: أن تعيد الشركة سياستها تجاه المواطنين بمراجعة فواتير المياه وعدم إدخال الناس في شرائح ترفع تسعيرة الماء.. إيقاف أو إصلاح أجهزة الربط «العدادات» الجديدة التي تربط الشبكة بالمنازل وتزيد من قيمة الفاتورة بدون وجه حق لترفع من قيمة الموارد المالية للشركة.. إيصال شبكة المياه لجميع أحياء مدينة جدة، والتخلص من المنظر غير الحضاري (الوايتات) لنقل المياه العذبة، أو الصرف الصحي.. توفير أدوات الترشيد التي كلفت الدولة مليارات الريالات ولم تستثمر بالشكل الأمثل وتوزيعها مجانا على السكان.. أن يعاد تأهيل العين العزيزية، وعيون محافظة خليص لمساندة التحلية في أداء مهامها لسد احتياجات السكان.. تشجيع القطاع الخاص في الاستثمار في الماء بإنشاء محطات تحلية مساندة لتخفيف الضغط عن محطات جدة الرئيسة، ويكون العمل مشتركا مع شركة المياه الوطنية لتحفيز هذا القطاع.
كلمة حق: سرعة استجابة شركة المياه الوطنية في توفير الماء لكل من يطلبه «بالصهريج» أكثر من رائعة، وقد يصلك طلبك خلال 12 ساعة فقط بدون عناء الذهاب هنا أو هناك، رغم أننا قضينا صيفا ملتهبا هذا العام، تزامن مع دخول شهر رمضان المبارك، وأشهر الحج، ولكن سرعة استجابة الطلب مع وفرة الماء وتواجده خفف عنّا حجم المعاناة.