البيان الصادر عن جهاز أمن الدولة مساء الاثنين الماضي وهو أول بيان صحفي يُنشر للجهاز بعد تأسيسه والمتضمن: «تمكن رئاسة أمن الدولة من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية». أصاب الغالبية العظمى من أبناء المملكة بصدمة كبيرة كون الأشخاص المقبوض عليهم بحسب البيان: «سعوديون وأجانب».
الصدمة في عدم تعود معظم الشرائح المجتمعية السعودية على احتمالية عمل سعوديين لجهات أجنبية ضد أمن وسلم البلد الاجتماعي. صحيح أنه حدث في السابق وأن قام أفراد سعوديون بأعمال إرهابية في العديد من المناطق داخل المملكة، لكنهم كانوا معتبرين، من المجتمع السعودي، إما مجرمون أو مؤدلجون، دافعهم التطرف والفهم الخاطئ لمبادئ وسماحة الدين.
بيان جهاز أمن الدولة لم يحدد أسماء بعينها، وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي أوردت أسماء عدة قد تكون صحيحة وقد لا تكون، غير أن كون عدد منهم ينتمون إلى هذه التربة الطاهرة هو مثار التعجب والصدمة.
كون عدد من المقبوض عليهم في الخلية الاستخباراتية سعوديين، فمن وجهة نظر خاصة وشخصية أمر طبيعي، لأن مجتمعنا السعودي إنما هو مجتمع مثله مثل بقية المجتمعات البشرية، تتنوع شرائحه وتختلف مشارب أفراده، ويتمايزون من أعلى سلمهم الاجتماعي حتى أدناه، وهكذا حقيقة تعني: بقدر ما يضم المجتمع الصالحين والصادقين والمخلصين، فإنه يضم أيضًا المفسدين والمجرمين والخارجين عن القانون والعرف العام، وكون بعضهم يرتبط بجهات أجنبية فلا غرابة، فهكذا فئات هي إجرامية بامتياز ولا تعترف بقانون أو نظام أو ولاء أو انتماء، وإنما كل همها مصالحها الخاصة، والتي متى ما تقاربت مع جهات أجنبية فلا مانع لديها من الارتباط بها والارتماء في أحضانها.
التسع جرائم التي عُرضت على النيابة العامة والمتهم بها أعضاء الخلية تُوضِّح أنها جرائم يتشارك فيها مجرمو فئة يُمكن أن نُسمِّيهم «خونة الأوطان»، وهم موجودون في كل مجتمع بشري، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وكون بعضهم ينتمون إلى شريحة محددة من المجتمع، لا يجب أن يُشكِّل صدمة لبقية أفراد المجتمع، فالخونة يتشابهون ويتلاقون في أهدافهم ومقاصدهم ومشاريعهم، بغض النظر عن الشرائح التي ينتمون إليها، لأن الأساس في خيانتهم للوطن مبعثه واحد، وهو مصالحهم الخاصة ليس إلا، ولهذا بقدر إجراميتهم في حق الوطن والمجتمع، بقدر ما يجب على كل شرائح المجتمع عدم التعاطف معهم، أيًا كان رداؤهم أو عمائمهم، فهم خونة لوطن حباه الله أقدس وأطهر مقدسات الإسلام.