النظام الضريبي في المملكة يُعد من الأنظمة الجديدة، التي لم يعتدْ السعوديون على التعامل به سابقًا، وسوف يُطبّق حسب نظام ضريبة القيمة المضافة ولائحته التنفيذية؛ وهي اتفاقية موحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون الخليجي.. فكل نظام جديد يحتاج إلى التعريف به على نحو دقيق، ليصل للمواطنين أجمع بمختلف فئاتهم الثقافية، مما يُساهم بالحد من انتشار الشائعات حوله، والتقليل من الإصغاء لمن يحاول الإفتاء بهذا الشأن بدون وجود خبرة أو معرفة كافية لديه أو حتى اطلاعه على آلية التنفيذ المقررة.
فمن أكثر الموضوعات جدلاً بخصوص ضريبة القيمة المضافة هو ما أشيع عن تطبيقه على القطاع التعليمي «المدارس الأهلية»، والتي من المفترض أن يتم دفعها من قِبَل أولياء الأمور! فهل يعني ذلك أنّ التعليم تحوّل من الأسس الأولية لخطة التنميّة لأي مجتمع إلى سلعة تجارية تستوجب دفع قيمة للخدمات المقدّمة وكأنّها أصبحت نوعًا من أنواع الكماليات؟ وهل يتحمّل أولياء الأمور فرض أعباء جديدة عليهم فوق تحمّلهم للمصاريف الدراسية؟ ،وهل تسجيل أولياء الأمور لأبنائهم في المدارس الأهلية غَدَا من باب المفاخرة وليس من منطلق السعي لإيجاد مستوى تعليمي أفضل؟ وهل تم البحث ومحاولة معرفة الأسباب الكامنة خلف لجوء الآباء للتعليم الأهلي والأجنبي بدلًا من التعليم العام؟ .أعتقد أنّ الأغلبية تعي جيدًا الأجوبة على هذه التساؤلات، فتساؤلي الأخير هنا عن كيفيّة وجود اتفاقية موحّدة لدول مجلس التعاون الخليجي وتطبّق ضريبة القيمة المضافة في المملكة على قطاعات لا تشملها الضريبة في الدول الأخرى؟!.
منذ الإعلان عن نظام ضريبة القيمة المضافة وحتى تاريخه والشائعات تُتداول بكثرة حول فرض الضرائب على مدارس التعليم الأهلي، غير أنّه لم يصرّح أي مصدر مسؤول عن مدى صحة هذا الخبر أو حتى نفيه! فالتعليم يجب أن يُحقق حاجات ومتطلبات التنميّة وهو يأتي من أولى أولويات الدولة لندفع بتنمية البلاد إلى أعلى المستويات عن طريق تطوير مهارات الطلاب ورفع مستواهم الثقافي والفكري، فهم محور التنمية وبهم نصل لمرحلة الاكتفاء الذاتي. فلا يمكن لأحد تجاهل حقيقة أنّ التعليم الخاص يُعد داعمًا أساسيًا ومساندًا للتعليم العام من خلال تحمّله لبعض الأعباء عن كاهل الأخير وتوفير مدارس تكفي لأعداد الطلبة في كل مدينة مما يخفف الضغط على التعليم العام، إذ إنّ من أبرز الأسباب، التي تجعل أولياء الأمور يلجؤون إلى التعليم الأهلي هي عدم توفر مقاعد كافية لأبنائهم في مدارس التعليم العام. كما لا يمكننا التغاضي عن جودة التعليم المقدّم بالمدارس الأهلية، التي تجعل منها هدفًا لأولياء الأمور، نظرًا لتهيئتها بشكل أمثل.. ففرض هذه الضرائب على التعليم الأهلي سيدفع بأولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم بمدارس التعليم العام، مما سيزيد من الضغوطات عليه، مما سينعكس بدوره سلبًا على المجتمع، نظرًا لعدم تحقيقه لنفس النتيجة المرجوّة!
وفي جميع الحالات، فرض الضرائب عادةً ما يستدعي تقديم خدمات نظير ذلك، فما هي الخدمات التي ستُقدّم لأولياء الأمور من قِبَل الجهة المختصة المُحصِّلة للضريبة؟.
ختامًا، أتمنى بأن يُعاد النظر في أمر فرض الضريبة على القطاع التعليمي الأهلي في حال كان هنالك بوادر حقيقية لفرضها، وأن يُراعى طبيعة هذا القطاع ونوعيته، التي لا تتناسب مع هذا النوع من الضرائب.
كما أتمنى من الجهات المعنية بأن تقوم بالحديث مع أبناء المجتمع ومخاطبة عقولهم لتتضح لهم الرؤية بهذا الخصوص، وذلك من خلال نشر متحدثين رسميين على قنوات الإعلام المرئي أو المسموع، أو حتى عقد ورش عمل تغطي هذا الشأن، فبذلك ستتجلّى الصورة ويُجاب على كافة التساؤلات وتدحض الشائعات! ،فلا يدرك الجميع قراءة القوانين وتفسيرها على النحو الصحيح.