الناس كأسنان المشط، متساوون في الحقوق والواجبات، ومن ثم هم متساوون أمام القانون أو الأحكام المطبقة في كل مجتمع، لا يتميز أحدهم على الآخر، لا لانتمائه إلى عرق أو قومية، وفي مثل بلداننا لا يميزه انتماؤه إلى قبيلة عن غيره ممن لا ينتمون لها، ولا يميزه أيضاً انتماؤه إلى فئة اجتماعية مثلت طبقة من المجتمع، ذلك أن العنصرية والتي ظهرت أول الأمر في المجتمع الأوروبي ثم ترسخت عند احتكاك الغربيين بغيرهم من أجناس البشر، ولا تزال الإنسانية تتذكر ما نال أصحاب اللون الأسود من العذابات عندما انتقلوا إلى الغرب أو نقلوهم عنوة ليصبحوا عبيداً يمارس عليهم الرق بأبشع صوره، وما رفعته النازية من تمييز عرقها على كل البشر، وشاعت الكوارث على الإنسان بسبب هذا، وولد من رحم الغرب مبدأ تميز العرق الأبيض، وشاعت كوارث تحدث في كل أنحاء العالم بسبب ذلك، والأصل أننا كمسلمين نرفض المبدأ العنصري تماماً لأن ديننا جاء بالمساواة التامة بين الخلق، ولم يجعل للتفاوت بينهم معياراً سوى التقوى، وهي معنى إن امتثل لم يصح أن يكون بين المنتمين إليه، فإن التمييز بين الخلق بأي معنى سوى معنى الامتثال لطاعة الله، لا يصح، فربنا يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى).
دين لا يعرف التمييز ومن ثم لا مكان فيه للعنصرية أبداً، وأن تظهر في مجتمعنا اليوم دعوات للتمييز بين السعودي وغيره، وبين أبناء الرجل من امرأة أجنبية، وأبناء المرأة من رجل أجنبي، وإلباس هذا بدعاوى وطنية أمر غير مقبول، وأرى ألا يسمح به أبداً في مجتمعنا، فمن حمل الجنسية السعودية من أي عرق كان أو بلد عربي أو غير عربي هو مواطن، لا بد وأن تحترم حقوقه، ويمنع إيذاؤه، وما كان هذا المعنى يشيع في مجتمعنا أبداً ولا يقبل. ونبت في بلادنا نابتة تحاول التمييز بيننا بانتماءات كثيرة قبلية ومناطقية، وتركناها تترعرع وتنتشر، وذلك خطر يجب أن يدرأ.