اللقاء الذي تم في تركيا بين القيادات الثلاث المتورِّطة في الحرب السورية، روسيا وإيران وتركيا، لم يأتِ بجديد، حيث دعا أولئك القادة إلى هدنة في سوريا، وأكدوا على رغبتهم في التوصل إلى حل سياسي وليس عسكرياً، رغم أن قواتهم منخرطة بالفعل في قتال الشعب السوري وطرده من أراضيه وتهجيره إلى داخل وخارج القطر السوري، ومهَّدت لقوات النظام السوري ممارسة هوايتها في قتل ونهب ممتلكات الشعب، وفي الوقت الذي كانت فيه القيادات الثلاث مجتمعة في تركيا، نفَّذت قوات النظام السوري إعدامات ميدانية وعمليات خطف ونهب بحق المدنيين الذين بقوا تحت سيطرتها في الغوطة الشرقية، وكذلك فعلت اللجان الشعبية، حيث أعدمت 14 مواطناً في ثغر بطنا ومدينة سقيا.
لا يختلف اثنان على أن الاجتماع الثلاثي كان من أجل تنسيق الجهود لحماية النظام السوري وتقاسم الكعكة السورية وتمدُّد نفوذ كل منهم، وكان الثلاثة يمنون أنفسهم على أن يصدق الرئيس ترامب في قرار الانسحاب الذي أعلنه من الأراضي السورية، خصوصاً إيران التي تتطلع إلى إنشاء وتأمين طريق يمر عبر سوريا ويربط بين أصدقائها في العراق وحزب الله اللبناني، وهو القرار الذي تراجع عنه الرئيس ترامب الأسبوع الماضي عقب اجتماع مجلس الأمن القومي، وأعلن بقاء القوات الأمريكية في سوريا لفترةٍ أخرى لضمان هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وإحلال السلام والاستقرار للمناطق المستعادة من داعش، هذا التراجع لم يكن مفاجئاً، ذلك لأنه لا يمكن للولايات المتحدة أن توافق على حدوث وضع مماثل لأهالي المدن التي تتواجد بها قواتها، كما حدث لأهالي (الغوطة) وتهجيرهم إلى مناطق محاصرة، كما تفعل القوات الروسية في معظم مدن سوريا.
أما الطرف الآخر المتضرر من قرار بقاء القوات الأمريكية في سوريا هي تركيا، فلا يمكن للولايات المتحدة أن تتخلَّى عن الكُرد باعتبارهم الحليف الوحيد لها، إضافةً إلى أن مناطقهم تُشكِّل قيمة استراتيجية في مواجهة المحور الروسي الإيراني مع النظام السوري، فالتخلي عن الأكراد من جانب الولايات المتحدة يعني نجاح إيران في مشروعها التوسعي وامتلاك السيطرة على معظم مناطق سوريا، ولقد رأينا كيف غضت النظر الدول المستعمرة الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، عن الهجوم الكيماوي الذي قام به النظام على مدينة دوما السورية قبل أيام، والذي ذهب ضحيته الكثير من المدنيين السوريين جلهم من النساء والأطفال.
أين النظام الذي يحكم سوريا؟ لا يوجد، فالمؤتمرات التي تُعقد من أجل الحلول، سواء كانت في جنيف أو أنقرة أو موسكو لا يحضرها أي سوري يُمثِّل النظام، لأن سوريا مخطوفة بأكملها، فقادتها الحقيقيون هم الروس والإيرانيون الذين يسيطرون عليها بالكامل، سياسياً وعسكرياً وحتى جغرافياً، ولا وجود للأسد في هذه المعضلة، وظيفته تنحصر في ممارسة قتل الأهالي عند استعادة أي مساحة من جبهة المعارضة السورية ومهاجمتهم بالغازات السامة.
قمة ثلاثية لتقسيم سوريا!
تاريخ النشر: 13 أبريل 2018 01:25 KSA
أين النظام الذي يحكم سوريا؟ لا يوجد، فالمؤتمرات التي تُعقد من أجل الحلول، سواء كانت في جنيف أو أنقرة أو موسكو لا يحضرها أي سوري يُمثِّل النظام، لأن سوريا مخطوفة بأكملها، فقادتها الحقيقيين هم الروس والإيرانيون الذين يسيطرون عليها بالكامل
A A