Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

“الرصاصة” ليست لصدورنا نحن

* قد لا يكون بالمفاجئ للشارع السعودي خبر القبض على مجموعات إرهابية مهما كان حجمها وخطرها لسببين: أولهما إننا بتنا نتوقع ظهور أولئك الإرهابيين في أي وقت ونتوقع منهم أيضًا ما هو أسوأ.

A A

* قد لا يكون بالمفاجئ للشارع السعودي خبر القبض على مجموعات إرهابية مهما كان حجمها وخطرها لسببين: أولهما إننا بتنا نتوقع ظهور أولئك الإرهابيين في أي وقت ونتوقع منهم أيضًا ما هو أسوأ.ذلك أن الإرهاب (فكر)، والفكر السيئ هذه طبيعته، يظل (يتقيأ) على الدوام الخبث وينزف الحقد، وحتى إذا ما استكان فكأنه الوحش الغادر الذي يختار الزمان والمكان لخداع الفرائس!!.ونتوقع ما هو أسوأ لأن الأسوأ عندنا هو محاولة المساس بأمن الوطن، وبما ينطوي على ذلك من أحداث الدم والدمار!!. وفي المقابل فإننا ولله الحمد بتنا لا نستغرب أي عملية قبض أمني على مطلوبين، لأن الإنجازات الأمنية المتلاحقة في القبض على المجموعات الإرهابية وملاحقتها وتفكيكها والتصدي لها شيء ألفناه من أجهزتنا الأمنية حتى أصبح موضع الثقة المطلق عندنا، فنحن نشعر بأن أمن الوطن محفوظ بحفظ الله أولًا ثم بيقظة وعزيمة تلك السواعد الشامخة!!. وكل حدث إرهابي يحدث مهما كان شكله وحجمه لا يضيف لنا غرابة في (شر) الإرهاب بقدر ما يزيدنا إعجابًا وثقة في إنجاز أمني جديد!!. * غير أن الشيء الذي يجب أن نتوقف عنده هو قراءة الحدث بكل حيثياته، لأننا نجد في (التفصيلات) شيئًا من (مرادات) الخطر وتنوع أهدافه وأساليبه وآلياته!!.* ففي بيان وزارة الداخلية تفكيك لتسع عشرة خلية ينتمي إليها 149 شخصًا، عدد السعوديين منهم 124وكالعادة معهم أسلحة ومتفجرات وأموال طائلة!!. * وحقيقة فإني اقرأ هذا الحدث من عدة زوايا.. أولها التنوع في (استراتيجية) العمليات الإرهابية وهذا من ناحيتين: الأولى الاستهداف والثانية الآلية، فهنا توسعت الاستهدافات لدى أصحاب هذا الفكر الضال، فهم أولًا كانوا يطالبون برؤوس الأمريكيين والأوروبيين، وكأنهم يوهمون الناس بمسحتهم (القدِّيسية) بإخراج المشركين من جزيرة العرب.. ثم تلاها استهداف لمجمعات تجارية وسكنية ومؤسسات حكومية.وتكونت بذلك النقطة الأولى في الارتكاز للدائرة الأكبر، فالقضية ليست إخراج المشركين بقدر ما هو استهداف وطن بأكمله، ووضح هذا بجلاء في استهداف المنشآت النفطية، وكذلك استهداف الأمنيين والمسؤولين والعلماء والإعلاميين والبقية تأتي!!.أي كل أبناء الوطن مستهدفون، وهذه هي الحقيقة بجلائها فالإرهاب لا يستثني أحدًا!!. * أيضًا صاحب هذه الشمولية في الاستهداف، التدرج في الأسلوب الذي تستخدمه هذه المجموعات.. فلم يعودوا مجرد مجموعة صغيرة تنفذ (تفجيرًا) بطريقة بدائية وكيفما اتفق. أصبح هؤلاء خلايا ولديهم مخططات واستراتيجيات، وأيضًا أصبحوا يستخدمون التقنية سواء من خلال المواقع الإلكترونية للتأثير على الوعي العام أو من خلال توظيف هذه التقنية في عملياتهم الإرهابية!!. ولهذا فأنا أشيد كثيرًا بالإنجاز الأمني ليس باعتباره إنجازًا مجردًا، ولكن لأن (الأمن) عندنا بفضل الله أصبح له قدراته المتطورة وتأهيله العالي لمواجهة كل احتمالات (التطوير والتنويع) في أساليب العمل الإرهابي!!. * الزاوية الأخرى التي أقرأ من خلالها هذا الإنجاز الأمني هو (الكم) المالي الذي تجده الأجهزة الأمنية بحوزة المجموعات الإرهابية!!. في هذه العملية تحديدًا وجدوا 2.2 مليون ريال سعودي، إنه رقم ضخم لمجموعات صغيرة، وقبل ذلك أعلن عن مبالغ تكاد تكون مماثلة في عمليات سابقة، والسؤال ذاته يتكرر: من أين يحصل هؤلاء على المال؟! بالتأكيد أكثره من الداخل، من هنا، لكني (ابصم بالعشرين) أنه لا يوجد مواطن سعودي يدفع هللة لو عرف أنها ستذهب (لبارود) الإرهاب!!.السعودي (أصيل) ولا يزايد على أمن وطنه الذي هو أمنه في الأصل!!.* إذًا المشكلة.. أين؟! هي في ذلك (المسوح) الخيري الذي يستغله الإرهابيون أسوأ استغلال فنحن شعب خير ونتسابق إلى فعل الخير، ندفع حتى من غير أن نسأل أو أن نعرف لماذا؟ وإلى أين؟!.وأنا لا أقول بوقف (فعل الخير) ولا يقول به أحد ولكني أطالب بأن يتبين المواطن من يعطي؟! وفي هذا الشأن أطالب بأن تكون (التبرعات) عبر قنواتها الرسمية المعروفة حتى نطمئن ونحتاط!!. ثم إنني أكرر ذات المطالبة بزيادة الدور الرقابي على هذه التبرعات حتى لا نفاجأ كما حدث إن أموالنا التي نتبرع بها تتحول إلى (رصاصة) ترتد إلى صدورنا!!. * واقرأ هذا الحدث من زاوية (البعد الخارجي).. فالمخططات والأساليب الاستراتيجية واستخدام التقنية وتنوع الأجناس وأشياء أخرى كلها تؤكد وجود صلة من الخارج بهذه الأحداث وهذا لم يعد سرًا، حيث أكدته وزارة الداخلية في بياناتها وأكده الأمير نايف أكثر من مرة وأكدته معطيات الأحداث!!. * أما الزاوية الأخيرة التي اقرأ من خلالها هذا الحدث.. فهو الدور المجتمعي (الغائب) عن ساحة الأحداث!!. فمع الأسف لا زال مجتمعنا بكل مؤسساته الأكاديمية والدينية والثقافية والإعلامية دون مستوياتها المأمولة أو الفاعلة.. وكأن (الأمن) وحده يغرد منفردًا في مهمة هي مسؤولية الجميع.حمى الله الوطن، وبارك في جهود رجاله المخلصين!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store