الشيخ محمود شويل
تاريخ النشر: 03 نوفمبر 2011 23:04 KSA
عَلَمٌ من أعلام المدينة، وعالم من علمائها، وُلد بها عام 1302هـ، وتُوفي بها عام 1327هـ، ودُفن بالبقيع، تعلّم في مدارسها، وامتهن التدريس؛ ولمّا بلغ الخامسة والعشرين من عمره، خالط العلماء، وتولّى نيابة القضاء، كان من أهل الدعوة والإصلاح.
أدركته في صباي، فكان طويل القامة، كثّ اللحية، يغمرها الشيب، ويكسوه الوقار، له شخصية مهابة، جادل أحمد أمين صاحب «ضحى الإسلام» عندما زار المسجد النبوي، فكان يدافع عن ابن حزم الظاهري، الذي يميل إلى مذهبه، لكن أحمد أمين بعد أن أثنى على المذهب انتقد بعض أفكار ابن حزم.
جعله الزركلي من الأعلام، وسجله كواحد من علماء الحرمين، ذكر أنه كريم الخلق، معوان على العوز، شديد على أهل البدع، له كتب ورسائل منها «منزلة الحديث من الدِّين» وبحث حول «تعارض الأدلة السمعية والعقلية»، وله رسائل مطبوعة منها «القول السديد في قمع الضال العنيد»، فنَّدَ في رسالته أقوال واتّهامات محمد البكري أبو حراز السوداني التي قدح فيها في السلفيين بكثير من المفتريات، وله «القول الفصل في حقيقة سجود الملائكة وإنصافهم بالعقل»، وله «إرشاد الحائرين لرد شبهات المشبهين»، وله رسالة في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، مع رسائل أخرى، تحوّل إلى داعية للمذهب السلفي، وقام برحلة إلى إسبانيا، وبخارى، وتركيا، تتلمذ على يده أبوتراب الظاهري، وأخذ عنه المذهب والنهج، فآثر الأخير بدوره في أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، فكتبا عن الشيخ محمود وقرآ رسائله، كما كتب عنه أحمد محمد جمال، ولم يتأثر بفكره، فكان ما كتبه تحت عنوان: «ماذا في الحجاز» وعلَّق على كتابيه «القول السديد»، و»منزلة الحديث من الدّين»، وقد أودعت نسخ منها بمكتبة السيد محمد نصيف الذي كان شديد المحبة للشيخ محمود، كما أودعت بجامعة الملك عبدالعزيز بعض من كتبه.
كان الشيخ محمود شويل معجبًا بالمحلى لابن حزم، فكان يقول: اجعلوا المحلى بالآثار حجاجًا بينكم وبين النار، أمّا الوليد الغريَّان فقد أدرج الشيخ محمود شويل المدني ضمن طلاب الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، وذكر ذلك في صفحة 72 عندما كتب عن الشيخ عبدالله.
والشيخ محمود شويل ترجم لنفسه ترجمة عامرة بالعبر والفوائد ضمّنها رحلاته وأعماله، وأبان فيها تدرجه في الوصول إلى عقيدة السلف، وممّن كتب عن الشيخ محمود علامة المغرب محمد تقي الدين الهلالي في كتاب «الدعوة إلى الله» عندما زار المدينة، فوجد شويل متعصبًا للإمام مالك حتى أنه من شدة تعصبه جرَّح في الإمام البخاري، لكنه تراجع أمام حجج الهلالي الذي أوصاه بقراءة كتب حسن عبدالرحمن في العقيدة والسلف، فأرسل شويل إليه يلتمس منه شيئًا من كتبه، فبعثها إليه، وقال له عبارة سرت في المدينة مسرى المثل عندما قال له: «يبدو أنك داخل في المقرر من جديد»، فاقتنع بمذهب السلف، فكان شديدًا على أهل البدع.
رحم الله الشيخ محمود شويل، فقد كان مدافعًا عن العقيدة، عالمًا من علماء المسجد النبوي، داعيًا إلى الله.