منع زواج الصغيرات لا تقنينه
تاريخ النشر: 04 يونيو 2010 00:15 KSA
كتبت في الأسبوع الماضي عن انتهاك حقوق الفتيات القاصرات بزواجهن في سن صغيرة، وأبنت ضعف حجة من استند إلى زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها، وأنه ليس للرجال طالبي المتعة قلوب رحيمة، وقد يكون الزواج استغلالا لظروف معينة كطلاق أم البنت أو حاجة الأسرة مادياً أو إغراء الوالد بالمال وهو لا يملك قلبا رحيماً، وقد يكون لدى الزوج أمر نفسي في مقاومة كبر السن للزواج بصغيرة لإثبات فحولته، وليس مهماً أن يكون الرجل ثمانينياً، فلو زوجت الطفلة برجل في العقد الثالث وهي في الثانية عشرة فهو زواج غير متكافئ ومن المذاهب من يشترط التكافؤ في السن كمذهب الإمام الشافعي. والأمر أقصى أحواله الإباحة ولولي الأمر تقييد المباح إذا أسيء استخدامه أو أدى لضرر أو وقوع ظلم كزواج الصغيرة لتتعذب من أجل متعة الطرف الآخر، وأعجب ما قرأته مما نشر عن الموضوع هو تصريح مأذون الأنكحة أنه لا توجد تعليمات واضحة وصريحة تنص على عدم عقد نكاح الصغيرات واحتجاجه برضا الفتاة، وعدم طلبه شهادة الميلاد مكتفيا بأن والدها ذكر يوم العقد أن عمرها ثلاثة عشر عاما وشهورا، وأنه فعل ذلك محتسباً، واسأله أي احتساب هذا الذي يظلم بشراً والظلم ظلمات ومحرم، ويبدو أن الاحتساب صار مقلوباً فهل يعتمد في زماننا على التخمين في العمر ووثائق الميلاد موجودة، وهل الفتاة بلغت سن التكليف بالعبادات حتى يعتمد رضاها، لابد لوزارة العدل أن تدقق في شروط المأذون، ومعرفته بالفقه الشرعي والاجتماعي والطبي، وأن الأمر يخص الزوجة وليس والدها، وأن ظلم طرف ليس احتساباً. وهل شهادة وزارة الصحة أثبتت أن الفتاة صالحة للزواج أم ان من يعطون شهادة الفحص لا يدققون، ولذا لابد من التحقيق في ذلك، وهل وزارة الصحة تعطي فحص الزواج دون نظر لصغر السن، وتركز فقط على الخلو من أمراض الدم. عندما سئل المأذون عن تأنيب الضمير قال: إنه لا ينظر بذلك مطلقا طالما أن الزوجة موافقة. مضيفا أن عقد النكاح تم تصديقه في محكمة المذنب، وهذه خطيئة أخرى فهل المحكمة صدقت دون قراءة لمضمون العقد أم هي مقرة بما فيه؟ وقد سررت بما نسب لرئيس محاكم القصيم بأن هذا الزواج يعد جريمة لا يرضاها عقل، وعسى أن يكشف التحقيق عن سر مصادقة محكمة تابعة له على هذا العقد. الأب وضع مقياساً لزواج ابنته وهو أنه زوجها بناء على بنيتها الجسدية لا على عمرها، وهذا ما يناقض ما ذكره المأذون، وإذا كان الزواج يبنى على الأجسام فما أكثر الأجسام التي شحمها ورم بين أطفال زماننا في ظل انتشار الوجبات السريعة المسمنة. وفي مقابلة مع فتاة زوّجها أبوها في سن 15 أشارت إلى ما لحق بها من أضرار جسدية ونفسية، فلابد من النظر إلى الزواج أنه عقد شراكة لبناء أسرة، وليس عقد متعة لرجل كما في حال فتاة بريدة الذي أقر الزوج أن لديه ثلاث زوجات أخريات كلهن صغيرات. ليس المطلوب تقنيناً لزواج الصغيرات فالتقنين يقر بمشروعيته وإنما المطلوب منعه لأنه ظلم لإنسان والظلم محرم مهما كانت دوافعه وانتهاك حق إنسان محرم مهما كان المبرر .
الفاكس: 012311053 Ibn-jammal@hotmail.com