حافز ... خافض
يوماً بعد يوم تُثبت الجهات المُنفِذة للقرارات الملكية السامية أنها حجر عثرة في طريق وصول نتائجها الإيجابية للفئة المُستهدفة منها، وشاهد الإثبات على كلامي برنامج حافز الذي ابتكرته وزارة العمل، ويعني البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل، هذا البرنامج الذي صممته وزارة العمل بهدف تنفيذ القرار الملكي رقم أ /30وتاريخ20/3/1432هـ القاضي بإقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل في إطار حل عاجل وقابل للتطبيق في هذه المرحلة، وتوفير هذا الدعم من احتياطي صندوق تنمية الموارد البشرية لفترة مبدئية لا تتجاوز عاماً واحداً يتم خلالها دراسة نطاق نظام التأمينات الاجتماعية بهدف إحلال العمالة الوطنية بدلاً من الوافدة ،ومما يمكن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من وضع برنامج للتأمين التعاوني للمواطنين العاطلين عن العمل ، ودعم الباحثين عن العمل باستخدام مواردها الذاتية؛ لتكون الباكورة الأولى لحزمة من الحوافز والتنظيمات التي ستدعم برنامج السعودة. لقد وضَّح منطوق القرار أن الإعانة تكون عاجلة وقابلة للتطبيق دون وضع العراقيل في سبيل وصولها لمُستحقيها، ويتم بالتوازي معها القيام بدراسة تهدف إلى التوسع في برنامج السعودة، ولكن يبدو أن الإعانة هي مربط الفرس الذي توقفت عنده وزارة العمل، وأخذت على عاتقها رسم استراتيجية لحصر العاطلين عن العمل، وهذا مؤشر خطير لجهة يُفترض أن يكون لديها إحصائية دقيقة عن البطالة ، بحكم أنها المعنية بذلك، أما الجزء الثاني من القرار وهو القيام بدراسة لدعم السعودة فإن شيئاً من هذا القبيل لم نسمع عنه، إلا إذا كانت تطبخ على نار هادئة فالله أعلم. لقد تدافع الناس رجالاً ونساءً على موقع حافز الإليكتروني بشكل عكس حجم المعاناة ـ التي شعر بها والدنا الكبير يحفظه الله ـ وفرح بها أبناؤه وبناته التي أجبرتهم ظروفهم الحياتية على ذلك، وعملوا على استكمال بياناتهم في رحلة تقنية تنتهي بطلب فتح حسابات جارية في البنوك التي سنت بدورها حزمة من الإجراءات لتخفيف التدافع البشري على فروعها؛ لعل من أبرزها إعطاء مواعيد بالأشهر لفتح الحساب، فبين الموعد البنكي واستكمال إجراءات حافز انتاب القلق العاطلين، وأصبحت إعانتهم على كف عفريت، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بإقرار السن المُستحِق للإعانة من20عاماً إلى35عاماً ، فبناءً على ماذا حُدد هذا المدى العُمري للإعانة؟ وما الذنب الذي اقترفه من تجاوز هذه السن ـ تحديداً ـ وخاصة من النساء لإقصائه؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أنهن محصورات في مجالات مُحددة، الأمر الذي جعلهن ينتظمن في عقد العاطلات؟ شخصياً توحي لي هذه الخطوة بأن الهدف منها هو تقليل عدد المدعومين لا أكثر، وثالثة الأثافي طلب إضافة الدخل الشهري في حافز، وكأن الوزارة بذلك لا تعرف أن من يبحث عن ألفي ريال شهرياً ـ حتماً ـ لا يملك دخلاً، وإلا لما احتاج لهذا المبلغ الزهيد في عالم تضخم فيه كل شيء حتى القيم، ومع هذا كله جاءت الصدمة الكُبرى بتأجيل موعد الصرف من الشهر المُحدد سلفاً بمحرم إلى صفر، وربما تُمدد إلى ما بعده، فالعاطل عاطل عليه أن يتجرع المزيد لأنه تعود على ذلك.