المنطقة المركزية والسمات والمعالم الحضارية للمدينة المنورة

* تحدثت في حلقة سابقة عن ضرورة إعادة النظر في المنطقة المركزية حول المسجد النبوي الشريف، حيث إن إيجاد مساحات واسعة حول الحرم كان من ضمن الخطط المعتمدة قبل حدوث التوسعات الأخيرة والتي كانت بدايتها في التسعينيات الهجرية. * ثم تلتها توسعات أخرى أضحت معها المدينة القديمة – أو معظمها – ضمن إطار المسجد والمنطقة المحيطة به، وأضحت هذه المنطقة تستوعب الأعداد الكبيرة من الزوار. * إلا أن القائمين على تنفيذ مشروع هذه المنطقة لم يأخذوا في اعتبارهم السمة الحضارية والعلمية لعاصمة الإسلام الأولى فالزائر يريد أن يتعرف بداية على الآثار الإسلامية المرتبطة بأحداث السيرة النبوية الشريفة، وأضرب مثالاً على ذلك بدار الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري –رضي الله عنه- التي نزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هجرته ضيفاً بعد أن حطت ناقته رحالها بالقرب منها، وكانت هذه الدار تقوم في الجهة الجنوبية من المسجد النبوي الشريف، وبجانبها كانت تقوم مكتبة شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت الحسيني والتي أنشأها هذا المجاور الصادق سنة 1270هـ، وقد أزيلت هي الأخرى بالإضافة إلى مكتبة المدينة العامة التي أنشئت عام 1380هـ - أي بعد التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف عام 1373هـ. * وانتقلت المكتبتان إلى مبنى مكتبة الملك عبدالعزيز –رحمه الله- والتي أنشئت في عهد الملك فيصل -رحمه الله- عام 1393هـ. * كما أنشأ الملك فيصل –رحمه الله- مكتبة هامة تحمل اسم مكتبة المصحف سنة 1391هـ وقد أنشئت هذه المكتبة في علو باب سيدنا أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- أو ما يعرف تاريخياً باسم «الخوجة»، وفي حارة الأغوات كانت تقوم مكتبة هامة وهي مكتبة الشيخ مظهر الفاروقي، ولعله مما يتطلع إليه أهل الجوار وسواهم أن يقوم بناء على الطراز الإسلامي يضم شتات مكتبات المدينة - وأن يكون بالقرب من المنطقة المركزية وليس في منطقة نائية حتى تعود لها سمتها الحضارية والعلمية بعد أن اختنقت وضاقت بهذه الكتل الإسمنتية التي لا يجد فيها الزائر ما يعتمل في عقله ووجدانه عن طيبة الطيبة.