ومات أسد الأمن

ومات أسد الأمن
الفقد يعني خسارة مركبة للحقل الذي ينتمي له الفقيد ، فإذا كان هذا حجم الفقد في حقل واحد .. فما بالكم بخسارة وطن لرجل الوطن ؟ لقد خسر الوطن برحيل صاحب السمو الملكي الأمير نائف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - رحمه الله - أسد الأمن ، فقد كان - يرحمه الله - سداً منيعاً للجماعات الإرهابية التي تلبست بلباس الدين ، وخلعت على نفسها واجب القيام بأمر الخلافة والجهاد دون أن تُراعي مبادئ هاتين الشعيرتين الخالدتين في ديننا العظيم ، ناهيكم عن قيامه بتحديث الأجهزة الأمنية ، وتزويدها بأحدث التقنيات المُتقدمة للكشف عن الجريمة ، ودعمها بالكوادر البشرية المؤهلة علمياً وتقنياً للقيام بواجبها الوطني بالشكل الذي يُحقق أقصى درجات الأمن للمواطنين بناءً على توجيهات القيادة العُليا - حفظها الله - . لقد تعامل معها الأمير الراحل - عليه رحمة الله - بحنكة وحزم مقرونة بإنسانية قلما تجدها في أي بلد آخر ، فسار العمل بتواز مُحكم ؛ فمن تفكيك الخلايا الإرهابية إلى اكتشاف ربيباتها النائمة ، مروراً بتفعيل الجانب التوعوي للجميع لأخذ الحذر والحيطة من التغرير المُمَارس بالكثير ممن غُسلت عقولهم أو دُجُّنوا تحت تأثير الشعارات الموجهة لاستثارة العاطفة والحماسة المُفرَغة من الداخل ، وانتهاءً بابتكار لجان المناصحة التي تُحسب سابقة للأمير نائف - تغمده الله بواسع رحمته - والتي تستهدف تعديل مسار الفكر المُنحرف ، وبيان الخط السليم في التفكير عند التعاطي مع الأحداث المتواترة . إن النجاح الذي حققه الأمير الراحل - أسكنه الله فسيح جناته - في مكافحة الإرهاب جعل التجربة السعودية مثالاً يُحتذى ، ومنهجاً يتدارسه الآخرون للنهل من بُعد نظر مُخطِطُه وواضع أُسسه تمهيداً لتطبيقه في بلدانهم ، ولا غرو في ذلك النجاح ؛ فرجل يمتلك إرثاً أُسرياً عريقاً في القيادة والحكمة لا يُستغرب عليه تحقيق النجاح تلو الاخر ، لذا كان وجوده على قمة الهرم الأمني مصدر آمان ليس للأمن الوطني فحسب ، بل للأمن الخليجي والإقليمي بشكل عام . لقد تجاوز الفقيد الراحل - عليه شآبيب الرحمة - بناء المنظومة الأمنية الداخلية إلى مد يد العون لبناء مثيلاتها العربية ، ولكن بفكر القيادة التي تأبى أن تتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين ، وترفض بالتالي تدخل الاخرين في شئونها ، وذلك من خلال إنشائه لمؤسسة أكاديمية تسير وفق منهجية علمية تُعنى بوضع لبنات حماية الأمن بعيداً عن الاجتهادات الشخصية تتمثل في جامعة نائف للعلوم الأمنية ، والتي أخذت على عاتقها تدريب وتأهيل رجال الأمن العرب على أيدي متخصصين عرب وغيرهم بناءً على تنفيذها لبرامج قصيرة المدى في مجال تخصصاتهم ، أو بعيدة المدى تمنح المُنخرطين فيها درجتي الماجستير والدكتوراه . كما وأن الرئاسة الفخرية التي كان يتسنمها الأمير الفقيد - لمجلس وزراء الداخلية العرب ولدورات متتالية لم تأتِ من فراغ ، بقدر ما جاءت من قناعة الوزراء العرب بمكانة وفكر الفقيد التي أثبتت المواقف المُتباينة سلامتهما ، وقوة صلابتهما ، مما جعل الجهود تتوحد ، والرؤى تتطابق حول البعض من الشئون والشجون الأمنية العربية . رحم الله أسد الأمن وأسكنه فسيح جناته ، وألهم الوطن والمواطنين الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . zaer21@gmail.com

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات