عقود الباطن : هل هي خاصة بنا ؟
تاريخ النشر: 14 أكتوبر 2012 04:41 KSA
يُمارَس ضد مشاريع خدمية انتهاكات تتسم بالديمومة المُرَّة دون أن يلوح في الأفق أن ثمة مُجرد محاولة لتصحيح الوضع ، وتقويم الاعوجاج الذي يزداد يوماً بعد يوم ، الأمر الذي يقودنا للبحث عن مُسببات ودوافع هذا الخلل المُستشري في مشاريع الأجهزة الخدمية ، ومحاولة تسليط الضوء عليه ، عل وعسى أن يلتفت إليها المسؤولون، وإخضاعها للدراسة والبحث الدقيقين لكي يقوموا بتصميم الاستراتيجيات الآنية والمُستقبلية للقضاء على الهدر المالي جراء تنفيذ هذه المشاريع الخدمية الموجهة لكافة شرائح المُجتمع دون استثناء ، فبعيداً عن تقاذف التهم بين الجهات ذات العلاقة وبين الشركات والمؤسسات المُنفذة لهذه المشاريع المُتكئة على تأخر صرف المُستخلصات المالية للمُنفذين من قبل المُكلِفين – على الرغم من وجاهة هذا الطرح – إلا أن المفروض في الشركات المُنفذة أن تكون ذات قدرة مادية واستعداد من حيث التجهيزات بشكل يُمكنها من القيام بتنفيذ المشروع دون أن تنتظر المُستخلصات المالية الحكومية التي في الغالب تخضع للبيروقراطية ، وتتداخل آلية تحصيلها .
إن المُتتبع - بموضوعية - لجملة الأسباب المُؤدية لمثل هذه الإسقاطات السلبية التي سببت نوعاً من عدم الرضا لدى المُجتمع يجعله يحصرها في مُسبب رئيس هو انتهاج الشركات والمؤسسات الكبرى التي رُسيَّ عليها المشروع وفق مواصفات مثالية ورُصد له ميزانية مُحددة إلى التنازل عنه لشركة أو مؤسسة أخرى تقل عنها من حيث الإمكانات المالية والكوادر البشرية والتجهيزات الأخرى وفق نظام عقود الباطن التي لا أعلم هل هو مرض تتعاطاه كل المُجتمعات أم يأتي في سياق الخصوصية التي نتباهى بها في كل شاردة وواردة ؟ لتفوز الشركة أو المؤسسة الأم بقطعة مجانية من كعكة المشروع دون أن يُكلفها ذلك سوى حبر التوقيع على العقد المُبرم بينها وبين الجهة الحكومية الطالبة لهذا المشروع ، والأدهى والأمَّر هو مصفوفة التوالي لآفة هذا النظام – عقود الباطن – فما تُمارسه الشركة الأم تقوم بممارسته الشركة الأقل منها ، وهكذا دواليك حتى يصل التنفيذ - أحياناً -إلى أفراد وليس مؤسسات ، بحيث يقومون بتنفيذ المشروع من خلال تشغيل العمالة السائبة في السوق المفتوح .
لقد أثبت نظام عقود الباطن – بما لا يدع مجالاً للشك - فشله في تنفيذ المُشاريع المُسندة وفقاً لآلياته ، سواءً أكان ذلك في الجودة المبنية على المواصفات المنصوص عليها في وثيقة العقد الأصلية ، أم في الوقت المُحدد لتنفيذها وثالثة الأثافي التغاضي غير الأخلاقي للمكاتب الهندسية والإشرافية التي تقوم باستلام المشاريع من مقاولي الباطن ، وشاهد الاثبات على ذلك هو تدني مستوى التنفيذ المتمثل في ظهور الخلل بعد فترة وجيزة من استلام المشروع ، مما يعني أن هناك تواطؤا يجب أن يُلتَفَت إليه من قبل الجهات الرقابية أنى كانت الجهة المُنفذة .
ولكي لا أكون مُبالغاً في اتهام نظام عقود الباطن بما هو فيه ، فانظروا لمشاريع الحرمين الشريفين أو مشروع طريق كرا من حيث مستوى الجودة ووقت التنفيذ ، وأنتم تتأكدون بأن عدم منح هذين المشروعين لشركات أو مؤسسات من الباطن ، وقيام الشركة التي تم ترسية المشروعين عليها بتنفيذه ضَمِن لهما النجاح الكبير ، فلماذا لا تُلزَم بقية الشركات والمؤسسات بالعقد المُبرم بينها وبين الجهات ذات العلاقة ؟ ولمصلحة مَن استمرارية هذا الهدر غير المُبرر ؟