وأذّن في الناس بالحج

وأذّن في الناس بالحج
دعوة إلهية وُجِهَتْ لنبي الله إبراهيم -عليه السلام- بعد أن انتهى ‏من ‏بناء ‏البيت ‏العتيق للناس أجمعين لحج بيت الله الحرام، ومنذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحاضر وهذا المكان الطاهر قبلة لحُجاج بيت الله، ومهوى لأفئدتهم، وملاذاً آمناً للتجرد من متاع الدنيا الزائل، يَفِدُ إليه القاصي والداني إقراراً منهم بما فرضه الله عليهم من مناسك تؤَّدى لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً. هذه الدعوة حملت منهجاً فريداً في المكان والزمان؛ فالمشاعر التي يجب زيارتها مُحددة سلفاً، والزمن الذي يقضيه الحجاج فيها مدته معلومة أيضاً، ومعجزة المكان في الكيفية التي تستوعب هذه الكتل البشرية المتعاظمة في كل عام مع ديمومة مساحته منذ أن خلق الله الأرض، وحكمة زمانه في أنه يأتي بعد موسم شهر رمضان المبارك؛ لتتواصل مواسم الكرم الإلهي على خلقه، وليشعروا بأن هذه المكارم فرصة لتجاوز الأخطاء التي وقعوا فيها، ويرغبون في التخلص من عائداتها الدنيوية والأخروية السلبية. وفي كل عام تتجدد هذه الدعوة وتتباين الاحتفائية بها، ومع كل هذا الاختلاف إلا أن الحكمة من مشروعية هذا الركن تبقى ماثلة للعيان ومتمثلة في: * إظهار الخضوع لله -سبحانه وتعالى- وذلك من خلال رفض الحاج لدواعي الحياة الدنيا من ترف وتزين، ويستبدلها بثياب الإحرام المُتجردة من كل مظاهرها، مُقرِّاً بفقره لمولاه. * إبراز شكره لله -جلَّت قدرته- على ما أنعم عليه من سعة في المال، وسلامة في البدن، وهما أعظم ما يتمتع به الإنسان من نعم في الدنيا، ففي الحج شكرٌ لهاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الإنسان نفسه جسدياً، وينفق ماله بسخاء، رغبة منه في طاعة ربه والتقرب إليه سبحانه. * تربية النفس على قيم الصبر والتحمل والنظام في ممارساتها اليومية مع من حولها؛ فالحاج يتكبد مشاق السفر حتى يصل إلى مكة المكرمة، فيجتمع مع إخوانه في تظاهرة لا يُشبهها إلا مثيلاتها السنوية، ثم ينطلقون –مُلبين- في حشود متناسقة يوم التروية الموافق للثامن من ذي الحجة لأداء المناسك، والمُلفت في الأمر أن تحركاتهم متشابهة في الوقت والوسيلة، فلا تُثبطهم متاعب الزحام، ولا تزعجهم أعباء التنقلات المتتالية. * مناسبة لإقامة علاقات تعارف بين الحجاج بعضهم البعض، وبناءً على هذه العلاقات الصادقة والخالية من المصالح الدنيوية يألف بعضهم بعضاً، وتذوب الفوارق بينهم - الغنى والفقر، الجنس واللون واللسان واللغة-. * رحلة إيمانية تجعل من الذكريات تسلية للحاج بعد العودة إلى أهله بعد أن منَّ الله عليه بإتمام شعيرته، فتبقى مغروسة في أذهانهم. ومع تطور الاهتمام بهذه المناسبة الدينية العظيمة –تنظيمياً- قامت المملكة العربية السعودية باستثمار تواجد مُفكري ومُثقفي الأمة الإسلامية في مناقشة قضاياها، ومحاولة إيجاد وسائل لحلها عن طريق تلاقح الأفكار، بهدف النهوض بها وإعادتها إلى مكانتها التليدة التي سُلبت منها في غفلة من ضعف اعترى بعض أهلها، وتكاسل أصاب عقول بعض أبنائها، ووهن ضرب مفاصلها، وارتهنت جراء هذه المُعضلات إلى الجمود والتقليد بعد أن كانت مصدراً للإبداع والابتكار، وقعدت عن القيام بأدوارها القيادية لغيرها من الأمم، وأصبحت -للأسف الشديد- مضرباً للمثل في التشرذم والفُرقة بعد أن كانت نموذجاً يُحتذى في الوحدة والتعاضد. ولعل أبرز هذه الفعاليات ما يلي: - مؤتمر مكة المكرمة وكان عنوانه لهذا العام: المجتمع المسلم -الثوابت والمُتغيرات- ودعا إلى تجديد الخطاب الديني وترشيده بما يتواءم مع مُقتضيات العصر. - ندوة الحج وتُنظمها وزارة الحج، وكان عنوانها هذا العام: الحج عبادة وسلوك حضاري، وبحثت كيفية استثمار شبكات التواصل الاجتماعي لخدمة حجاج بيت الله.

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات