آخر الشهر من دائرة الرحى!!
تاريخ النشر: 06 ديسمبر 2012 23:50 KSA
آخر الشهر عند نزول الرواتب في ماكينات الصراف الآلي، يتحلل راتب الموظف محدود الدخل قبل أن يدخل جيبه قرش واحد منه.
عمليات حسابية مقصودة من الضرب والطرح والقسمة، تتسلل إشعاراتها قسرًا على جوال الموظف التعس، وخلال أقل من أربع وعشرين ساعة بل وقت نزول الراتب في تلك الماكينات تتسارع وتتسابق الاقتطاعات، وفتّح عين وغمّض عين.. طار راتب الموظف المطحون مع سبق الإصرار والترصد.
يحاول ذاك المقيّد بأغلال ضيق ذات اليد أن يكمل جاهدًا العملية الحسابية المفقودة من قاموسه المصرفي، ثم يجد أنه ورغمًا عنه يُجْرِي جميع حساباته ضمن عمليات معكوسة، ليكتشف بعدها أن الناتج الإجمالي لكل من المبالغ التي أنفقها والمبالغ التي ادخرها هو.. الصفر المكعب!!.
في الأسبوع الأول من كل شهر يُقْلِعْ المغلوب على حسابه محلقًا فوق هام السحب! ليهوي في الأسابيع الثلاثة التالية منه إلى قاع مكتظ بالمطالبين، ولستة ممتدة من المصاريف.. إيجار الشقة، البقال، فاتورتي التليفون والكهرباء، مصاريف الأبناء، الواجبات الاجتماعية.. فتتهاوى الديون فوق رأسه دفعة واحدة.
كل الأشياء حوله تزداد امتلاءً وانتفاخًا وتدحرجًا إلا هو فقد أضحت متلازمة القروض تلك هي نمط المعيشة التي تنمو معه تدريجياً، وسواءً خُفِّضت الأسعار أو زَادت الرواتب.. فلا علاقة لحاله بكل تلك المنظومة الاقتصادية، فقد آثر الجلوس متربعًا فوق مقاعد الذبول والتلاشي.
في قاموسه الوظيفي آخر كل شهر دوامة لا مفر منها ولا خلاص.. العودة إلى دائرة الرحى، فالقرش الأبيض المتبقي من آخر عملية حسابية أجراها والذي ادّخره في جيبه المخروم لا يفي ولا يصد زحف الأيام العجاف.