الإعلام الفضائي بين الوهم والحقيقة

الإعلام الفضائي بين الوهم والحقيقة
أجزم بأن الإعلام بوسائله المتباينة لا يهدف إلى تزييف الواقع , وتضليل الرأي العام , بل يسعى إلى الحيادية والموضوعية في الطرح ، والتجرد من التبعية التي لا تخدم الوسيلة الإعلامية ، بل تشوه صورتها في ذهن المتلقي جراء عدم دقتها في توضيح الصورة بكل أبعادها السلبية والإيجابية ، مع إيماني بأن الإثارة جزء لا يتجزأ من الطرح الإعلامي , ولكن لا تصل إلى المبالغة المفرطة في التعاطي مع الحدث مهما كانت مبررات الوسيلة الإعلامية , لأن الأصل فيها يكمن في نقل الواقع كما هو , لا أن يحول إلى مجرد وهم يتلقفه العامة وكأنه حقيقة ولكنها – للأسف الشديد – غير متوافقة مع الحال الذي يعيشونه مما يجعلهم يبنون تصوراتهم الآنية والمستقبلية على بيانات غير دقيقة الأمر الذي سيؤدي – حتماً – إلى ضبابية الرؤية المؤدية إلى الغاية المنشودة . وتأسيساً على المدلول العميق للإعلام – أعلاه – أرى أن بعض وسائل الإعلام العربية – خاصة الفضائية منها – تسعى إلى تضخيم الفعل الممارس على الأرض على حساب الواقع المعاش , وهذه النتيجة جاءت بناءً على مشاهدتين شخصية تمثلت الأولى في المتابعة المستمرة لنشرات الأخبار والبرامج الحوارية التي أصبحت - كالهم على القلب – وتقوم بعرض أحدث المستجدات وتعقبها بالتحليلات لكثير ممن أطلق عليهم وظيفة خبير في كل مجال سواءً كان ذلك سياسياً أم قانونياً , بينما كانت المشاهدة الثانية حقيقية لمست فيها بوناً شاسعاً بين ماتنقله بعض القنوات الفضائية وبين ما هو على الأرض , وجاءت هذه المشاهدة خلال زيارتي لجمهورية مصر العربية وعلى مدار أسبوع كامل لم ألحظ ولا نسبة مئوية تشجعني على القول بأن ما نشاهده على شاشات هذه القنوات يعكس الواقع بقدر ما هو تضليل سعت من خلاله إلى الحضور المثير لا أكثر ، مما يعني أن ثمة أمرا تُدار خيوطه من تحت الطاولة ، قد يكون للعبة السياسية فيه دور كبير يجعلها تتحكم فيه وتوجهه حسب ما تقتضيه الأجندة الخفية . لقد تنقلت في جميع أرجاء القاهرة ولم أجد سوى ديمومة الحياة العادية المماثلة للحياة في أي مدينة عربية أخرى , ولكي أكون دقيقاً في وصف الواقع فقد وجدت مجموعة بسيطة جداً متمركزة – فقط – في ميدان التحرير متوسدين الأرض وملتحفين خياماً صغيرة ، وأزعم أن مثل هذه الممارسات لا تتجاوز أن تكون من باب الترفيه الذي وجده بعض المتجمهرين من الشباب العاطلين فرصة سانحة للتسكع دون وعي لماهية القضية التي من أجلها هو موجود في هذا المكان . هذه الصورة التي نقلتها لا تخول لأي قارئ بأن يفسرها بأنني مع أو ضد قوى سياسية ؛ على الرغم من أنني وإلى الآن غير مطمئن لقيادة الإخوان المسلمين لدولة بحجم ومكانة مصر الكبيرة , وأرجع ذلك إلى ضعف خبرتهم السياسية ، وعدم نضجها الدبلوماسي ، وما القرارات المتضاربة التي تمثل الإخوان في مؤسسة الرئاسة سوى شاهد الاثبات على هذا الضعف , ولست أيضاً – متفائلاً – بالطرف الآخر الذين امتطوا صهوة المعارضة لأجل المعارضة فقط ، دون تغليب المصلحة العامة على المصلحة الذاتية ، والتحلي بالنزاهة عند الخسارة . إن التناول الإعلامي لقضية مصر – أرى – أنه لم يكن موضوعيا بالقدر الذي يجعلني أقول إن الاحترافية والمهنية الإعلامية غابت تحت مظلة الإثارة وتداعياتها السلبية , مما يدعوني إلى مناشدة القائمين على إدارة هذه النوافذ الإعلامية بأن تحترم عقلية الناس , وتساهم في ترسيخ الأمن العربي الذي يعد توافره من أهم مسببات نجاح المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي الكبير .

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات