لا خلود بلا شجن

لا خلود بلا شجن
الإبداع هو الشيء الوحيد الذي ليس له تاريخ صلاحية. كل الكائنات والأشياء محكوم عليها بالفناء مهما عمرت. وما يسري على الكائنات يسري أيضا على ما ينتجونه من عمارة وفنون وآداب وفلسفة، ما عدا الآثار التي بلغ الإنسان فيها مبلغًا عظيمًا من الإبداع والتجديد والقدرة على تصدير الدهشة للمتلقين. هذا النوع من الإبداع هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يهزم الزمن ويتغلب على قانون الفناء، ويفلت من أحكامه ومقتضياته التي لا مفر منها. الإبداع العظيم هو تجسيد لقدرة الإنسان على إشباع شغفه الأزلي بالخلود. مشكلة الإنسان أنه كائن غير خالد، ومشكلته الأكبر هي وعيه بهذه الحقيقة. هذا هو السبب في إحساس الإنسان بعدم الأمان، مما ولد لديه رغبة جامحة تصل في بعض الأحيان إلى حد التوحش، لامتلاك السلطة والمال. الإنسان كائن تحركه نوازع الخوف.. الخوف من المرض والشيخوخة والضعف والفقر.. وقبل كل هذا وذاك، الخوف من الموت. كل هذه المخاوف تعكس طبيعة تكوين الإنسان المبرمج على التطلع إلى الخلود الذي لا يمكن أن يناله في الحياة الدنيا. إن وعي الإنسان بهذه الحقيقة هو السر في كل هذا الكم من الحزن والمرارة التي يشعر بهما بمجرد أن يداهمه الفرح. كل مشاعر الفرح العميق تختلط بالحزن لتكون حالة شعورية عجيبة يمتزج فيها الأسى بالدهشة الحزينة بالشعور بالرضا.. وهي الحالة المعروفة في لغتنا بمفردة لها وقع السحر في النفوس، وهي: الشجن. كل الإبداعات الأدبية والفنية العظيمة تتميز بقدرتها على استحضار هذه الحالة في نفوس من يتلقونها. وهذا هو سر خلود هذه الإبداعات التي تداعب رغبة البشر في الوصول إلى حالة الشجن التي يلتقي فيها الموت بالحياة، فينعدم إحساس الإنسان بالوقت، ليحيا خبرة الخلود ولو لجزء محدود جدا من مساحة وجوده. الخلود غاية لا تدرك، لكنها تُطلب ويُطمَح في الوصول إليها طوال الوقت. وهذه هي مأساة الإنسان.

أخبار ذات صلة

قوَّتي على مكافأة مَن أحسنَ إليَّ
مها الوابل.. الغائب الحاضر
وردك.. يا زارع الورد
تمكين تبوك غير.. فلها الدعم والتقدير
;
أقساط البنوك.. والإسكان
تزوجوا.. مثنى وثلاث ورباع
كتاب (الملك سلمان).. تأكيدٌ للمكانة التي يتمتع بها
الأفكار والتنظير هما أساس العمل والإنجاز
;
قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!