مجتمعات الثقة
عرف الكاتب الكبير سمير عطاالله هذه المجتمعات بأنها تلك المجتمعات التي تنتشر فيها أخلاقيات كالصدق والأمانة، وإتقان العمل والإلتزام بالمواعيد إضافة لأداء الحقوق، وضرب مثالاً باليابان ودول شمال أوروبا كمثال، حيث تقل الطلبات والضمانات، و تنعدم الحدود بين الدول .. اللهم إلا من جندي يسألك مبتسماً إن كان معك شيء جمركي تفصح عنه أم لا، ثم يدعك تمضي. تلك المجتمعات لاتخلو من المخالفين ،لكن تطبيق القانون الصارم على الجميع دون استثناء.. جعل هناك منظومة تسير ولاتتوقف لمخالفة هنا أو هناك، وإن حصل أن أفلت أحد من قانون الدولة فإن هناك قانوناً أخلاقياً على نطاقٍ أكبر أشد قسوة ، وعقاباً ..فالكاذب لامكان له في تلك المجتمعات وهو منبوذ حتى من المقربين إليه وسرعان مايُرمق بنظرة قاسية إن خالف قوانين السير مثلاً . ويذهب آدم سميث مؤسس علم الإقتصاد الحديث في كتاب « نظرية الشعور الأخلاقي « إلى أن النجاح الإقتصادي المستقر يعتمد بشكلٍ كبير على الكثير من المبادىء الأخلاقية . الحاصل اليوم في أغلب مجتمعات الشرق الأوسط ربما لايكون ذلك تماماً ، والناظر إلى ماآلت إليه الأمور من انعدام الثقة ابتداءً من العامل البسيط ورب العمل ومروراً بين التاجر والمشتري ، وصولاً لبعض الحكومات ومنفذي المشاريع ليَعلمُ علم اليقين أنها أصبحت ظاهرة متفشية ،ومن يرى كمية الأوراق الموقعة بين بعض البنوك وعملائها ليعلم أن هامش الثقة في القانون تكاد تكون منعدمة، بل إن وكالاتٍ دولية ابتكرت قوانين خاصة بفروعها في تلك المجتمعات، وتوجد وكالة حقائب نسائية مشهورة تطلب توقيع السيدة على إقرار لإصلاح حقيبتها ، وذلك لوقوع حوادث عدة لسيدات أنكرن طلب 'تنظيف' الحقيبة أو إصلاحها المكلفين . إن غياب الوازع الأخلاقي والثقة بالنظام يعني وجود مزيد من العقبات والعراقيل ومزيداً من التكاليف، وإهداراً للوقت، باختصار.. لا نهضة ولاتقدم دون أخلاقيات مجتمعات الثقة.