المعلمي والتفتيش!
تاريخ النشر: 18 أبريل 2013 01:50 KSA
قرأت باستغراب مقالة المهندس عبدالله يحيى المعلمي -الذي يشغل حاليا منصب مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة- في جريدة «المدينة» عدد الاثنين 27 جمادى الأولى 1434هـ تحت عنوان: (حملة الجوازات.. جهد في غير موضعه!) ومصدر الغرابة حساسية الموضوع وموقع الكاتب الوظيفي حاليا، حيث قدم للقراء رأيًا افترض أن حملة التفتيش عن العمالة المخالفة لأنظمة العمل في المملكة تم الإقدام عليها بشكل عشوائي وبدون سابق إنذار وأن كل الجهد الذي قامت به وزارتا الداخلية والعمل غير موفق، على حد قوله، لأن ذلك الجهد استهدف «الضيوف» العاملين لدى غير كفلائهم! وأثار الفزع وانتهك الحرمات!.
وواصل الكاتب المشاركة في جوقة المعارضين لجهد الدولة الذي استهدف تصحيح أوضاع أصبحت تُشكِّل خطرًا على أمن البلد.. وتستنزف الاقتصاد الوطني.. وتجسد وضعا غير صحي عندما تعتمد عدد من المؤسسات مثل المدارس الخاصة والمصحات وبعض الشركات ومؤسسات القطاع الخاص -وقد تكون خالية من الضوابط المهنية أيضًا- لتسيير أعمالها وعندما تقوم الجهات المعنية بحملة تصحيح بعد إنذارات وتحذيرات ومناشدات وندوات في الغرف التجارية.. دعا لها وزير العمل عددا من الكُتَّاب ورجال الأعمال ليطلعهم على خطة الوزارة التصحيحية ونوايا وزارته وإصرارها على إصلاح بيئة العمل في المملكة للحد من التسيب وتقليص استقدام العمالة الوافدة وليس «الضيوف»، كما وصفهم المعلمي.
وقد ذهب الكاتب -مع الأسف- إلى ترجيح ما ورد في الشائعات على الرأي الرسمي الذي صدر من منسوبي الوزارتين! حيث ذكر أنهم «تنصّلوا من مسؤولية التجاوزات المزعومة وأصبحوا يتقاذفون كرة التجاوزات فيما بينهم» وقد كان حريا بالكاتب -الذي أحترم حقه في الإدلاء برأيه كما يشاء- أن يُحسن الظن بالجهات الرسمية ويقيس على ما يحصل في الدول الأخرى كدول أوروبا وشمال أمريكا للمخالفين للأنظمة في تلك الديار بدلًا من ترديد أنشودة «الضيافة» التي مللنا من سماعها، لأن مسؤولية المملكة برعاية شؤون الحرمين الشريفين تفرض على كل مواطن أن يكون شريكًا فعالًا في كل ما يتعلق بأمن واستقرار البلد، وعندما يكون في موقع مسؤولية يكون العبء أكبر ويستوجب رفع مرئياته في الموضوعات الحساسة من خلال القنوات الرسمية بدلًا من طرحها على صفحات الجرائد.. إلا إذا كان الهدف الانتقاص من جهود العاملين في الوزارات المعنية.
وعلى خلاف ما ذهب إليه المهندس المعلمي كنت أتمنى أن يكون ما استند إليه ينطلق من حسن الظن بالمواقف الرسمية بدلًا من وصمها بالتنصل من المسؤولية والأخذ بما ورد من الشائعات التي هدفها التشويش وبث المغالطات وطمس الحقائق والوقوع في جليب معارضي توطين الوظائف الذي ينشده المجتمع وتدعمه الدولة بكل الإمكانات.
وهنا لا أعلم كيف فات عليه أن موقعه الحالي كسفير يمثل المملكة في الأمم المتحدة يتطلب توخي الحذر عند الخوض في موضوعات حساسة لها أبعاد محلية ودولية على صفحات الجرائد لأنها تمس أمن الوطن ومصالح دول لها عمالة داخل المملكة تعود على تلك الدول بعوائد مادية كبيرة وممثليها في المملكة يُراقبون ما يحدث بدقة وعندما يقرؤون ما ذهب إليه ممثل المملكة في الأمم المتحدة في مقاله سيبتهجون ويرفعون ذلك لعواصمهم لتستخدمها في محاجة المفاوض السعودي للدفاع عن مواطنيها خلال المباحثات الثنائية مع الجهات المعنية في المملكة، ولكن المقال -مع الأسف- ترك المجال مفتوحًا للتأويلات، وخاصة أنه بقلم كاتب يشغل منصبا مهما، وكان عليه أن يتوخى الدقة ويحرص على ما يصدر عنه من آراء تمس حركة الإصلاح وأمن وطنه، وتُعرِّض الوزارات المعنية لنقد في غير موضعه.
وأختم بالقول: إن الرسالة من وراء ما قامت به وزارتا الداخلية والعمل قد وصلت لكل المعنيين الوافدين ومن يتستر عليهم، وإن مساحة حرية التعبير المتاحة في صحافتنا ينبغي ألا تستخدم لتبرير الأخطاء من قبل من تدفعهم العواطف والحماس أو المصالح الشخصية، ليعترضوا بطريقة أو بأخرى على توجهات إصلاح أوضاع العمالة الوافدة -لأن كل مخالف للأنظمة ضيف غير مرغوب فيه- ومن حق البلد أن يلزمه بالنظام أو يعيده إلى حيث أتى مثلما تفعل أوروبا وأمريكا الشمالية والدول الأخرى.. أما الملتزمون بالأنظمة فأهلًا وسهلًا بهم، وعلى الرحب والسعة نُثمِّن مشاركاتهم ونحترم وجودهم بيننا وندافع عن حقوقهم.. وتبقى جهود وزارتي الداخلية والعمل محل احترام وتقدير، وعلينا جميعا التعاون معها لمصلحة الوطن والمواطن.. وكل جهد في سبيل الإصلاح في موضعه.