تفجيرات بوسطن والتأزم الأمني داخل أمريكا !
الأزمات الأمنية ليست غريبة على المجتمع الأمريكي، الذي يتعرَّض باستمرار لحوادث مفزعة تهز المجتمع، وتؤجِّج وتيرة الحوار السياسي؛ بحثًًا عن الأسباب والوسائل التي تُمكِّن من التصدي والحيلولة دون حدوثها، ولكنها تتكرر، ويعزي الكثيرون ذلك لوجود السلاح وإمكانية اقتنائه واستخدامه بسهولة لكل مواطن أمريكي كحق يكفله القانون. وقد طال العنف السياسيين من الرئيس جون كنيدي وأخيه روبرت.. والزعيم الأسطورة مارتن لوثر كنج.. إلى الرئيس رونالد ريجان.. إلى احتجاز «سيتي أف ويكو» بولاية تكساس (CITY OF WACO TEXES) من قِبَل المتطرفين المسيحيين بقيادة «ديفيد كوريش» (DAVID KORESH) في 28 فبراير 1993م.. وتفجيرات أوكلاهوما (OKLAHOMA) التي قام بها المتطرف «تيموثي ماكفيه» (TIMOTHY MCVEIGH) في 19 إبريل 1995م.. والاعتداء المتكرر على المدارس في بعض الولايات.. ولكن تفجيرات 9/11/2001 ظلت الكابوس الأكبر، وأصبح أي عمل إجرامي يحصل في أي ولاية أمريكية أول ما يقفز إلى مخيلة الرأي العام الأمريكي وكل الإدارات الأمنية والسياسية الفدرالية والمحلية الربط بين تلك الأحداث وبين ما حصل في 9/11/2001 وذلك يدل على عمق التأثر النفسي الذي خلقته تلك الأحداث المفزعة في «السايكي» الأمريكي بصفة عامة. ورغم أن تفجيرات بوسطن الأخيرة هي الوحيدة من نوعها في الولايات المتحدة الأمريكية - منذ أحداث (سبتمير2001م) - ومع الفارق الكبير في عدد الضحايا وضخامة الكارثة، إلا أن المجتمع الأمريكي لا زال يشعر بالحسرة، لأن أكبر وأقوى دولة في العالم -تطال قوتها أي مكان في العالم- لا زالت عاجزة عن منع تلك الأحداث على الأرض وبالتالي تُؤثِّر في أمنها الداخلي. ويرى البعض أن في ذلك ما يثبت بأن العولمة ليست محصورة على التجارة والسياحة والنقل، وتحويل الأموال وتهريب السلاح والمخدرات، ولكنها أيضًا تشمل العنف وإثارة الرعب بين المواطنين، حتى في مناسبات رياضية عالمية وترفيهية، مثل مناسبة بوسطن السنوية. كما أنه لا يوجد دولة محصّنة من التعرض لمثل تلك الأحداث؛ مهما كانت قوتها ونفوذها في هذا العصر. والسؤل: لماذا؟! والإجابة على السؤل تأتي من آراء متعددة.. فالبعض يرى أن العنف مُتأصِّل في المجتمعات المادية مثل المجتمع الأمريكي.. ويرى آخرون أن القوة والهيمنة تولد تناقضات تفرز أحداث تعكس تراجيديا الحوار بين القوة والثراء، والحداثة المفرطة والتخلف الساحق.. وأيا كان فإن العنف الذي يستهدف الأبرياء وأماكن العبادة والمدارس ومناسبات الرياضة والترفيه لا مبرر له ولا أحدًا يقره. والعالم بأسره يتعاطف ويواسي الشعب الأمريكي، ويشجب أي عمل إرهابي يستهدف الأبرياء، ويضع عبئا كبيرا على قادة السياسة الأمريكية، فعليهم إن يدركوا بأن الأعمال الشاذة لا يمكن تعميمها على الجميع؛ مثلما تروج له بعض أجهزة الإعلام الأمريكي عندما توهم الرأي العام بأن للعرب يدا فيما حدث.. والعقلاء يدركون أن التعاون الدولي هو الطريق الأمثل للتغلب على تلك الظواهر الفتاكة التي ترفع من وتيرة التذمر، والشعور بالإحباط والحرمان في كل المجتمعات غنيّها وفقيرها. العنف والعنف المضاد أصبح من سمات العصر، والطريق الوحيد للتخلص منه هو نشر العدل والمساواة ونبذ التفرقة العنصرية والتحيز، والتأييد المطلق للدول المارقة مثل إسرائيل، التي تُعدُّ أكبر عائق للسلام في الشرق الأوسط.