وما آفة الأخبار إلا رواتها

وما آفة الأخبار إلا رواتها
هذا القول يتداوله العرب منذ العصر الجاهلي، وصدق مدلوله كثيرًا في العصر الحديث بعد انفجار الأخبار عبر وسائل الإعلام، فقد يقلب الراوي الخبر الصادق إلى كذب، وقد يقلب الكاذب إلى ما يروج لتصديقه. عندما حصل انفجار ماراثون بوسطن في الولايات المتحدة سارعت إحدى الفضائيات إلى الاتهام بتدبير الانفجار، وفرحت بذلك، وظنت أنها حققت سبقًا صحفيًا وانفرادًا بذلك السبق، وما هي إلا ساعات حتى رد الله الكيد إلى عنق من كذب، وزهق باطل تلك القناة التي طالما أساءت إلى بلادنا وهي تتظاهر أنها معها، وقد أحسن متداولو التواصل الاجتماعي عندما دحروا تلك القناة إلى جحرها، بإثبات كذبها وتسرعها وعدم مهنيتها، وأن الزبد يذهب جفاء. المصداقية في الوسيلة الإعلامية هي مصدر ثقة المتلقي بها، وإذا خادعت أو كذبت أو حوّرت الأخبار أو وظفتها لجهة معينة أو نضحت بما تخفيه على الجمهور فإن مآلها انصراف الجمهور عنها، وعدم الثقة بها، وهذا ما أكده كذبها الأخير، ومحاولة الإساءة دون أدنى حدود المهنية وهو الاستيثاق من مصدر الخبر. كما أن هناك صحفًا صفراء فإن هناك قنوات حمراء ذات اتجاه واحد، من أجله لا تتحرى الصدق وتضخم الصغير، وتهوّن الكبير، غير أن المتلقي اليوم ليس مثل الأمس، فمصادر الأخبار كثيرة، ولا يلبث الكذب أن ينكشف خلال ساعات، بل دقائق، وليس خلال أيام، وشرف الإعلام ومصداقيته هو مقياس المهنية في الإعلام، وذلك ما لا يدركه من يريد أن يدير إعلامًا موجهًا، ولم ينجح في السابق ولا الآن ذلك الإعلام الموجه الذي يخفي الحقائق، ويزيف الأخبار لهدف لديه فالمتلقي صار واعيًا ومثقفًا بثقافة الإعلام. زعمت تلك القناة (التي لم تحمد مهنيًا منذ انطلاقها وظهرت متحيزة إلى ما تراه في أخبارها) أن الخبر الكاذب كان صحيحًا حين أعلنته، فكيف يكون صحيحًا وهو كذب؟ وزعمت أن أكثر من 15 ألف وسيلة إعلامية بثته وتغافلت أن النقل كان عنها، وهي نقلت عن مصدر واحد غير موثوق بل لعله أراد الاصطياد، وقد اصطادها وخدعها ولو كانت مهنية لعرفت المصدر الموثوق من المصدر غير الموثوق. زعمت أن ضوابط المهنية هاجس لها، وهل التحقيق مع مشتبه به يعد مهنية في الإعلام يعتمد عليه في ثبوت التهمة، ومن حسن الحظ أن الإدارة الأمريكية الحالية إدارة عاقلة متريثة لم تسارع إلى الاتهام، وتركت التحقيق يأخذ مجراه حتى تثبت أدلة الإدانة من ارتكب العمل الإرهابي، لأن اتهام البريء إرهاب، كما أن إجرام الإرهابي عمل إجرامي مجرّم أيًّا كان مرتكبه. السبق الصحفي هو ذلك الذي يقدم المعلومة المبنية على مصدر موثوق، والشرف الإعلامي المهني هو الذي يدعو الوسيلة الإعلامية إلى الموثوقية في أخبارها لتحصد الثقة من متابعيها، أما الاعتذار بعد الكذب فهو تأكيد للكذب، وتأييد لعدم المصداقية، وقد كُتب من كذب عند المتلقي كذابًا، رضي الكاذب المتسرع أم لم يرضَ، اعتذر أم لم يعتذر، والإعلام صِدْق مهني قبل أن يكون وظيفة: قد قيل ما قيل إن صدقًا وإن كذبًا فما اعتذارك عن قول إذا قيلا

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي