الصهيونية ومعركة الوعي

يعرف العدو الإسرائيلي جيداً أن معركته المصيرية ضد الشعوب العربية والإسلامية ، هي معركة وعي في المقام الأول . العدو الصهيوني يعرف أن التفوق العسكري وإبقاء حالة اختلال التوازن الاستراتيجي بينهم وبيننا ، ليستا ضمانتين كافيتين لتحقيق الانتصار في حربهم التي تهدف إلى استعبادنا . الصهاينة يدركون جيدا أن حربهم ضدنا هي حرب وعي ، لذلك سعوا حتى قبل إقامة دولتهم المصطنعة ، إلى تزييف وعينا عن طريق بث الأكاذيب وترويج الضلالات ، ومنها كذبة بيع الفلسطينيين لأراضيهم . وهو ما ينقضه التاريخ الذي تثبت ملفاته أن الجزء الأعظم من الأراضي الفلسطينية التي تم بيعها للوكالة اليهودية قبل العام ١٩٤٨ كانت تعود ملكيتها لأفراد وعوائل غير فلسطينية ، حيث كانت فلسطين تتبع قبل الانتداب البريطاني لسلطة الباب العالي الذي كان يتيح لسكان المناطق التي يسيطر عليها ، حرية التنقل والشراء والبيع على كافة الأراضي التي تخضع للحكم العثماني . تزييف الوعي الذي يقوده العدو الصهيوني منذ نهاية الحرب الباردة ، وتحديدا منذ غزو الكويت من قبل نظام الديكتاتور صدام حسين ، عرف أساليب وتكتيكات جديدة تهدف إلى إثارة النعرات الطائفية بين الشعوب العربية والإسلامية ، مما يترتب عليه بالضرورة القبول بوجود الكيان الصهيوني أو عدم معاداته ، أو على الأقل إحالته إلى المرتبة الثانية في لائحة العداء التي أصبحت خاضعة بالدرجة الأولى للمعايير الطائفية والمذهبية . العدو الإسرائيلي يعرف جيداً أنه يعيش وسط محيط من الأعداء ، ويعرف جيداً أن قدرته على تحقيق الانتصار في حربه ضد هذا المحيط ، ترتبط بخلق مناخ عام تحظى فيه دولة العدو بالقبول الشعبي نظراً لالتفاف أبناء المنطقة حول الولاءات الطائفية التي لا تجد غضاضة في القبول بوجود إسرائيل إذا ما تمت المقارنة بين وجودها ووجود الطوائف الأخرى . المشروع الصهيوني أضعف من أن يواجه شعوبا تمتلك الحد الأدنى من الوعي.