واحة يبرين .. منطلق صقر الجزيرة لتوحيد المملكة العربية السعودية
تقع واحدة يبرين على الطرف الشمالي الغربي من الربع الخالي أقصى جنوب محافظة الأحساء، ويبرين بلدة كبيرة، وحاضرة لمجموعة من القرى والهجر، تقع في أرض منخفضة عما حولها تمثل واحة زراعية قديمة، وقبل عدة عقود كانت يبرين محمية بسور من الحجارة والطين، بينما يدل نمط المساكن في واحة يبرين على عدم الاستقرار الدائم، ولعلّها كانت تُسكن غالبًا خلال موسم جني محصول النخيل خلال شهور الصيف. ورغم طبيعة نمط المساكن في العصر المتأخرة في هذه الواحة من حيث محدودية مساحة الأرض ومدة الاستقرار القصير، فإن الأدلة الأثرية المكتشفة أظهرت أن هذه الواحة كانت آهلة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ. وتوجد آثار بقايا استيطان بشري تنتشر على نطاق واسع يتناثر داخل الواحة، وفي بطن وادي يبرين وعلى سفوح الجبال القريبة يعود أقدم تاريخ تم توثيقه بواحة يبرين إلـى العصر الحجري القديم الأعلى، فقد عثر بالواحة على أدوات حجرية ذات تقليد صناعي. كما أن هناك مقابر متعددة تدلّ على إيغال المكان تاريخيًا. إن يبـرين واحة في قلب صحراء الربع الخالي، يجد فيها من أعياه السفر الراحة والماء والظلّ، وهذه أغلى ما يتمناه من تاه في مفازات كثبان الربع الخالي، كما أن واحة يبرين كانت محور ارتكاز المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث اتخذها نقطة انطلاق لتوحيد هذا الكيان الشامخ المملكة العربية السعودية، لذا فإنـها واحة تعتبر رمزًا تاريخيًا إذا ما سطر تاريخ الوطن الغالي، وهي جزء من التاريخ حيث ترقد على بصماته، وقد تكون إحدى محطات القوافل التجارية التي تنتقل بين الأسواق العربية، أسواق هجر (المشقر) وليست عنها ببعيد، وأسواق حجر، والفاو، ودومة الجندل، وتيماء، ونطاة خيبر. وهذه المعلومات يوجهها الكاتب بكل الحبّ للبنين والبنات في جميع المراحل الدراسية، ومن أُولى تلك المراحل المرحلة الجامعية ليأخذوا التاريخ من الواقع أي: ليقفوا بأنفسهم على المواقع التاريخية، ومنها واحة يبـرين ويتخيّلوا مدى المعاناة التي تحمّلها المؤسس الملك عبدالعزيز لتوحيد هذه الكيان الشامخ، علمًا بأن من سيقف على هذه الواحة سيأتي إليها بـ( سيارات مكيفة )، بينما كان صقر الجزيرة يأتي إليها بالرواحل (الجِمال)، وما عاناه الملك عبدالعزيز -رحمه الله- جعله كأحد عظماء صناع التاريخ، كما يعرف من يقف على هذه الواحة أنّ الملك عبدالعزيز على موعد مقدّر من الله وذلك لنشر الرسالة ونصرة الإسلام والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك ما كان يكرره دائمًا، سواء في واحة يبرين أو غيرها أو حتى بعد ما اكتمل هذا الكيان العظيم.