هل بالإمكان وضع سقف لأسعار الأراضي؟!
تاريخ النشر: 30 مايو 2013 07:21 KSA
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على مَن سيجيب.. إذا كان المحتاج لسكن من ذوي الدخل المحدود فسيقول يجب وبقوة وفي أسرع وقت.. وإن سألتَ صاحب عقار مُتنفِّذ سيكون جوابه: «مستحيل»؛ لأن اقتصادنا حر، والعرض والطلب هو من يُحدِّد الأسعار.. وإن سألتَ أصحاب المخططات الكبيرة الذين استولوا عليها بتراب الفلوس.. فجوابهم: شح الأراضي هو السبب في الغلاء، وصاحب المال حر، يبيع ويشتري متى أراد، وبالسعر الذي يناسبه. والأمر الذي لا خلاف عليه أن المملكة أخذت بمبدأ الاقتصاد الحر، ولكن الواقع أنه اقتصاد ريعي تقوم الدولة بتوفير معظم الخدمات، وتستوفي رسومًا على بعضها، ولا يوجد ضرائب سوى الزكاة الشرعية على الشركات والمؤسسات، ويذهب دخلها للضمان الاجتماعي.
أزمة الإسكان وارتفاع معدلات السكان وغلاء مواد البناء واليد العاملة تُصعِّد من حدة التذمر لدى كثير من المواطنين، وبعضهم يطالب بفرض ضرائب على الأراضي المملوكة لمستثمرين يرفضون بيعها أو تعميرها، وهم من تسبَّب في ارتفاع الأسعار. والواقع أن طفرات التنمية منذ السبعينيات في القرن الميلادي الماضي صاحبها نوع من الجشع عند البعض، وخاصة تجار العقار -إلا من رحم الله- وأصبح الربح المبالغ فيه سيد الموقف، واستمر الوضع بدون تدخل من الجهات المختصة.. وبعد استحداث وزارة خاصة بالإسكان أصبح المواطن يتطلع لحلول عاجلة لأزمة السكن، وخاصة الشباب المقدمين على الزواج، والأسر التي انتظرت كثيرًا وهي تحلم ببيت العمر.
وبصوت واضح فإن المشكلة تكون من خلال أُناس تملَّكوا أراضي بالكيلومترات، وجيّروها لتجار جشعين، خطَّطوها وبدأوا بورصة المضاربات في سوق العقار بدون أي رادع.. والبعض الآخر أخذ المنح وجمّدها كما هي، والآن يقاومون محاولة سن نظام ضرائب عليها إذا لم يقم المالك بتعميرها. والواقع أن من أهم المشكلات التي تواجهنا في هذا الخصوص عدم وجود قانون يحمي المواطن من الاحتكار، ويُنظِّم الأسواق بشكل عقلاني، فأصبح الجميع يعبث ويلعب كما يحلو له، وكم من أموال ذهبت في مهب الريح عندما حصل عليها أناس من ظهر المواطن متنقلين هنا وهناك، جنوا الأرباح بمساعدة المواطن طبعًا وفلّوا بها.
سوق الأسهم مثال آخر على ضعف الأنظمة التي تسلل القراصنة من خلالها، وأفلسوا الكثيرين من المواطنين.. ومرة أخرى بدون تدخل وحماية فعالة من الأجهزة المعنية.
خبراء العقار يدعون أن الركود الحالي في سوق الأراضي مجرد سحابة صيف وتعدّي.. وفي ذلك شيء من الصحة.. لأن الساعين لعمل أي تعديل جوهري تجابههم عقبتان، الأولى: الملاك الكبار أصحاب الكيلومترات من الأراضي البيضاء، والثانية إمكانية سن نظام يتم تطبيقه بدون استثناءات. وما إيجاد وزارة مستقلة للإسكان ونقل الأراضي من وزارة الشؤون البلدية والقروية.. ورصد مبالغ خيالية لحل أزمة الإسكان.. إلاّ خطوات إيجابية -اتخذتها الدولة- تحتاج لآليات تنفيذية فعالية تؤكد هيبة النظام وتحد من المبالغات في أسعار الأراضي.. تحت شعار العرض والطلب.
إن حجز مئات المليارات من الأموال في أراضي -لا تأكل ولا تشرب كما يُردِّد أصحابها- يُحتِّم على الجهات المعنية إعادة النظر في مفاهيم الاستثمار السائدة في سوق الأراضي، وتحديد سقف الأسعار حسب المناطق؛ بطرقٍ مدروسة، بدلاً من التخمينات والمناورات السائدة في السوق.. والله من وراء القصد.