تركيا : انبعاث المشروع القومي ٢-٢

تركيا : انبعاث المشروع القومي ٢-٢
تحدثت في مقال الأمس عن المشروع التركي لاستعادة مفاتيح التأثير والسيطرة على دول المنطقة . وقلت بأن أردوغان ظهر في الفترة الأولى من حكمه مرتمياً في أحضان العرب ، بل وحتى الإيرانيين ، دون أن يفوت فرصة واحدة للتأكيد على كونه العثماني الجديد ، حفيد العثمانيين القدامى . في مقال الأمس تطرقت أيضاً للموقف العلني المعادي لإسرائيل الذي اتخذه أردوغان منذ وصوله للسلطة ، وأشرت إلى محاولة أردوغان كسر الحصار المفروض على غزة والذي أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين الأتراك الذين كانوا على ظهر الأسطول التركي الذي اعترضته بحرية العدو وهو في طريقه إلى غزة . كما تحدثت عن الأزمة السياسية العنيفة التي حدثت بين الطرفين التركي والإسرائيلي ، بسبب قصة الأسطول تلك . وبغض النظر عن الطريقة التي انتهت بها الأزمة التركية الإسرائيلية ، وبغض النظر عن ارتفاع مستوى التبادل التجاري إلى أرقام قياسية بين كل من تركيا وإسرائيل في العام الأخير ( أربعة مليارات دولار ) فإن صورة السلطان العثماني الجديد ، وما حملته هذه الصورة من آمال للشعوب العربية بتحقيق الخلاص ، ساهمت في ارتفاع شعبية أردوغان عربياً ، خصوصاً وأنها أتت مدعمة بنموذج اقتصادي غاية في النجاح ، تم تحقيقه في ظل نظام سياسي يعتمد التعددية . لكن الفرصة الذهبية للمشروع التركي بدأت تلوح في الأفق منذ انطلاق أول مظاهرة شعبية في دول ما يسمى بالربيع العربي . فالأتراك استطاعوا عقد تحالفات استراتيجية مع جميع الدول التي سقطت أنظمتها وعلى رأسها مصر طبعاً ، وتمكنوا من توقيع الاتفاقات التجارية المربحة سواء مع مصر أو تونس ، أو ليبيا التي تمتلك فائضاً نقدياً ضخماً باعتبارها إحدى أكبر الدول النفطية في العالم . الأتراك استفادوا أيضاً حالهم حال الإيرانيين ، من طغيان الخطاب الطائفي ومن سيطرة المتأسلمين العرب الذين يمتلكون قدرة عجيبة على اختزال كل صراع في الدنيا مهما بلغت تعقيداته ، في اللافتات الدينية والمذهبية . وهكذا أصبح أردوغان أمل السنة العرب في تحقيق الانتصار على الشيعة ، في معركة مفتعلة افتعلها البعض ، واستغلتها جميع القوى الخارجية لتعميق الهوة بين مكونات المنطقة العربية ، بحثاً عن مواطئ قدم إضافية فيها . الأتراك والإيرانيون الذين استفادوا غاية الاستفادة من الخطاب الطائفي ، حرصوا على عدم استيراد مفردات هذا الخطاب في الداخل ، بغية الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية التي يستحيل للمشروع أن يتحقق في ظل ضعفها أو تشرذمها . ولعل هذا ما يفسر انعدام وجود الاحتجاجات ذات البعد الطائفي في البلدين ، رغم حرص البلدين الشديد على دعم الاحتجاجات ذات الصبغة الطائفية في دول الجوار العربي . ويبقى السؤال : هل هناك من مخرج للعرب ؟

أخبار ذات صلة

الدرون و(الإنقاذ)..!
الذين أبكوا طُوب الأرض..!!
الانتخابات الأمريكية.. اقتربت ساعة الحسم
اللغة العربية.. وعاء فكر الأمة
;
المتقاعدون.. وسخرية البعض!
جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز.. رائدة التميُّز
مستقبل الاستثمار يلهم القادة ويلفت الأنظار
البصمة الوراثية «أبوية» وليست «نَسبية»!!
;
طيِّبون.. لكن مغبونون
هذا يقرأ.. وذاك ينتف شنباته!!
شامز.. ماسخ..!!
الخطابات الممجوجة..!!
;
الكاتب.. وهموم الناس!
الرياض تُثري الحاضر.. وتُلهم المستقبل
عبدالله أبكر.. الباحث المكي
امتحانات الطلاب.. إلى متى؟!