الحرب عقائدية لا أكثر
تاريخ النشر: 23 يونيو 2013 01:11 KSA
تستعر نار الحرب يوماً بعد يوم في الشام ، وتتباين المواقف كل حسب رؤيته الذاتية لها ، وتتعاظم المُشكلة في التعقيد نتيجة التداخل المحلي والإقليمي والدولي كأطراف فاعلة ومؤثرة في تجاذبات القضية التي اختلط فيها الحابل بالنابل سياسياً وعسكرياً ؛ فسياسياً تتآزر قوة عالمية متمثلة في روسيا وأخرى إقليمية هي إيران في توفير الغطاء الدبلوماسي للنظام السوري في «ممارساته المشروعة» من وجهة نظر هاتين القوتين اللتين تولتا مهمة الدفاع في المؤتمرات الدولية ، وما مؤتمر الدول الثماني الأخير سوى شاهد إثبات على أن روسيا لن تفك ارتباطها الاستراتيجي مع نظام الأسد مهما حاولت أمريكا وحلفاؤها من الغرب والشرق ثنيها عن موقفها المُتعنت تجاه الأوضاع الدامية في سوريا ، بينما إيران تقوم ولا زالت بدور مزدوج في القضية يتمثل الأول في موقفها المُعلن سياسياً بالدعم اللامحدود للنظام ، ويبرز الثاني في مدها المستمر له بالعدة والعتاد والوقوف معه في خندق واحد مستغلة في ذلك حزب الله الذراع العسكري لإيران في المنطقة العربية والذي أصبح خطره يتجاوز حدود وطنه الذي لا حول له ولا قوة في كبح جماحه الهمجية إلى بقية الدول المجاورة وكأنه شاويش مهمته ردع المعتدي - بمعاييره طبعاً - واستتباب الأمن الذي زعزعه بهيجانه ورؤيته الفوقية لكل المُعطيات ، ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب .إن إيران وذراعها العسكري - حزب الله - يدفعهم في تصلب موقفهم عقيدة يؤمنون بها وينتحرون من أجل شيوعها ، فهم يسيرون في ذلك استكمالاً لمشروعهم التوسعي الذي بدأ بالعراق الذي أصبحت ولاية الفقيه هي من تدير شؤونه ، وأضحت كلمة الحوزات في إيران هي العُليا في هذا البلد العربي الذي كنا نتغنى به قبل فترة من الزمن بأنه البوابة الشرقية التي ستحمي حياض الأمة العربية ، وما كان يدور في خلدنا أن يكون مصدر الثقة هو نفسه سيكون مصدر الخوف ، أما الروس فهم حلفاء قدماء للنظام ومصالحهم في الحفاظ عليه لا ترتبط بمردود مادي ينتظرونه من دولة متهالكة ولا تمتلك مقومات كسوريا تجعل روسيا في موقف المدافع وبشراسة عنها ، بقدر ما تُريد أن تكون شوكة في حلق من تتوهم بأنه يسعى جاهداً للفوز بكعكة أفسدها طول الأمد في تناولها من قِبل المتربصين بها .
إذاً تقاطع المصالح سياسياً كما هو للروس ، وعقائدياً كما هو بالنسبة للإيرانيين وحزب الله هو من يدفع بالقضية باتجاه اللاعودة ، بينما الخيار الثاني - العقائدي - هو من يُحرِّك جذوة الحرب لإشباع رغبة جامحة في مساعدة شيعتهم من العلويين ، وضمان استمرارية النظام الموالي لهم ، بل المرتمي في أحضانهم ، ليضمنوا لهم مساحة أخرى من الأرض العربية يُمارسون على تُرابها قراءة تعويذاتهم ، ويواصلون من خلالها كتابة فصل جديد من التاريخ الشيعي .
إن التحليلات التي أخذت على عاتقها تفنيد دوافع هذا التعقيد في المشهد السوري يجب – من وجهة نظري الشخصية – ألاَّ تخرج عن أن المسألة ترتبط بالمُعتقد أكثر من ارتباطها بأي مُسبب آخر ، وإن وُجد مُسبب ثانٍ فإن نسبة تأثيره ستكون ضئيلة للدرجة التي لا يُمكن التعويل عليها في استعار هذه الحرب التي أفنت الكثير من الخلق ، ودمرَّت مقدرات البلد ؛ لذا أرى أن نحيد الجانب السياسي القائم على المصالح جانباً ، وأن نركز على الجانب العقائدي الذي لن تُفيد معه مؤتمرات الحوار ، ومنتديات التقارب المذهبي على الإطلاق ، والانطلاق من أن سوريا العربية يجب أن يكون شعارنا فيها « نكون أو لا نكون « .
Zaer21@gmail.com