ذاكرة أمة مشتتة!
تاريخ النشر: 27 يونيو 2013 01:17 KSA
الأمم الحيوية تحافظ على رصيدها التاريخي والمعرفي وتعمل على صيانته والإضافة اليه من خلال رصد المتغيرات وفهم حركة نموها ومكونات نهضتها لتكون مدخراً لأجيالها المتلاحقة ولتتعظ بكل ايجابي منها والزيادة عليه سعياً للأفضل وتجنباً لكل سالب للمقدرات والقيم الحميدة والأخلاق السامية التي خطها أسلافهم.
هذا التصور يتمثله كل مسلم يتمنى لأمة الإسلام الخير في سبيل الرقي والازدهار والمجد والعزة في ظل ديننا الحنيف الذي مصدره القرآن الكريم كتاب الله عز وجل وسنة نبينا سيد الخلق محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
ومن قرأ تاريخ الأمة الاسلامية يلحظ التشظيات التى جرت عليه عبر العصور الممزوجة بالانتصارات العظيمة المتمثلة في الفتوحات وانتشار الاسلام والنكبات المؤلمة - المتمثلة في فقدان الأندلس بعد ثمانية قرون من التواجد والإزدهار العلمي والتعايش السلمي - وما ان يظن أعداء الأمة أنها القاضية حتى تنهض من كبوتها وتمحو ما لحق بها من تشوه وتفتح صفحات جديدة تسطر فيها أمجاداً وانتصارات مضيئة تضاف الى رصيدها التاريخي السابق.
المرحلة الحالية مرحلة ضعف وتشظيات عميقة .. وفي بعض الحالات انكسارات .. ولكن المتفائل يرى انها تحمل بين ثناياها وعوداً صارخة بمرحلة أفضل تسمو الأمة فوق جراحها وتنهض من كبواتها وتعود للاضطلاع بدورها التاريخي مستفيدة من كل ما مرت به من صعوبات وتجابه كل تحديات المستقبل وهي تقف على أرضية صلبة منطلقها الدين الاسلامي والتاريخ والجغرافيا الذي تعيش في كنفها.
الفئات المتصارعة على السلطة في معظم الاقطار العربية يغيب عنها أن الأهم هو الوطن وأمنه واستقراره وأن الفرد ذاهب والأوطان تبقى وأن التغلب على شهوة السلطة طريق سلام في الدنيا والآخرة والسعيد من يتعظ من أخطاء غيره.
قد يقال إن الحاكم المستبد اذا تورط لا يرى طريقاً آخر للخروج من مأزقه فإما (النصر) أو الموت ولكن الانتصار على من؟ على شعب منقسم على نفسه والأغلبية لا تريد حاكماً استبد وقتل ودمر وشرد.
-القذافي استبد وتعند وانتهى وبقية ليبيا تلملم جراحها بعد ما يزيد على أربعة عقود من الاستبداد.
-تونس البادية بالتغيير تعيش مخاض التغيير تتصارع فيها المبادئ والأطروحات الفكرية وطالما ان الحوار يدور في جو سلمي فستصل الى مبتغاها بإذن الله تعالى.
-مصر أيضاً تعيش إرهاصات الزمن التي تتجلى في هيمنة حزبية ومعارضة تكاد تفقد بوصلة الموضوعية في سبيل الاطاحة برئيس منتخب شاركت في وصوله الى منصب الرئاسة من خلال قبولها بنتائج العملية الانتخابية.
-في اليمن انتصر العقل وعون الجيران والطريق ليس معبداً بالورود ولكن لا صراع دامي كما نشهده في سوريا والآمال كبيرة بأن يتحقق الأمن والاستقرار في اليمن السعيد ليسعد كل أهله.
-بلاد الشام حل بها كارثة حقيقية مع الأسف .. في سوريا نظام فقد القدرة على التمييز بين إرادة الشعب وبين مقومات الشرعية للاستمرار في الحكم وأصبح السلاح الذي كان معداً لحماية الوطن والمواطن من أي عدوان خارجي يوجه لنحور المواطنين بكل قسوة وشراسة تبلغ مدى استبداد الفاشية الحاكمة.
الاستقطاب الحاصل في سوريا لم يعد مختصراً على أهل البيت ولكنه جلب أطرافاً من خارج الحدود لها أجندات بعيدة المدى تتعدى حدود بلاد الشام الى أقطار عربية أخرى.
*كتب الاستاذ حسن مدن في عموده الاسبوعي في جريدة الخليج الإماراتية «يبدو باعثاً على الخيبة أن الشباب ممن كانوا وقود التغيير وحتى قادته ، باتوا ضحاياه عندما آل الأمر الى قوى لا تملك رؤية ولا برنامجاً للتنمية التي تستوعب طاقاتهم ، وتحقق لهم الاهداف التي من أجلها ثأروا
فهل ما حصل في مصر وغيرها ينتظر الشعب السوري بعد الاطاحة بنظام الأسد؟
لقد فشل الأسد في الاستفادة من ما حصل للأنظمة التي أطيح بها؟
فهل تفشل القوى التي تناضل من أجل الانتصار في سوريا في الاستفادة من تجارب نظيرتها في مصر وليبيا وتونس؟
ربما لم يحن الاوان لطرح هذا السؤال ولكن الذاكرة المشتتة قد تقود الى ذلك..والله من وراء القصد.