هل تنتحر اللغة العربية ٢-٢

هل تنتحر اللغة العربية ٢-٢
كنت قد تحدثت الأسبوع الماضي عن المعضلة الأولى ‹الهجرة الجماعية من اللغة العربية للعامية› ، وإنني اليوم بصدد الحديث لما هو أبعد من ذلك ‹ الهجرة الجماعية من اللغة العامية للغة الإنجليزية !› الحقيقة أن اللغة العربية أصبحت تُدَرس على استحياء في مدارسنا ، بل إن هناك علاقة «عكسية» بين مستوى المدرسة ومستوى تعليم اللغة العربية ، فكلما كانت المدرسة أكثر «دولية» .. قل اهتمامها بالعربية . ففي حين أن المدارس الحكومية تدرس الإنجليزية على مضض ، والعربية بلاعمق لُغوي ، ويشكو الآباء قبل الأبناء من ضعف بعض المعلمين أو المنهج أو الرتابة في التعليم أو كلها معاً ، ويضطر الأبناء لاحقاً للدخول في دورات الإنجليزية بعدما يكبر الطفل ويصبح من الصعب تعليمه وقد لا تقبله الشركات لاحقاً في مرحلة التوظيف ، وقد «فطنت» كثير من الأسر الميسورة لهذا الأمر فآثروا مبدأ السلامة وقرروا الغوص في الإنجليزية وربما الفرنسية ولو على حساب العربية ! وقد يقول قائل : إن الأطفال في الدول المتقدمة يتعلمون عدة لغات ؟ وهذا صحيح ولكن ليس على حساب اللغة الأم، فمازالت تلك الدول تعتز بلغاتها وتعتبرها جزءاً من تراثها وهويتها، والدبلوماسيون يعلمون أن كثيراً من رؤساء الدول العُظمى يلقون خطاباتهم لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة بلغتهم الأم .. لا لجهل بالإنجليزية ، بل اعتزازاً بلغتهم . والجديد أن الأمم المتحدة قد تخرج العربية من أكثر ست لغات تداولاٍ في العالم . وهناك قانون فرنسي يحرم استعمال أي لغة غير الفرنسية داخل الجامعات الفرنسية ! وعندما ذهبت إحدى الأسر العربية لطبيبة طفلهم ، قالت الطبيبة إن الطفل لديه « الإزدواج اللغوي « «Bilingual» وهو في سن مبكرة وأن على الأسرة التركيز على لغة واحدة ، فما كان منهم إلا أن اختاروا الإنجليزية طبعاً ! إن الناظر من حولنا ليجدنا جميعاً نستخدم مصطلحات إنجليزية كلما سنحت لنا الفرصة كجانب من «البريستيج» ، وأصبحنا نكتب العربية بأحرف الإنجليزية في رسائل الجوال ، بل إننا أدخلنا أحرفاً جديدة للعربية كالرقم «3» الذي يرمز لحرف العين ! وقس على ذلك . وقد نُصبح يوماً كمواطني الطبقة العليا في الهند الذين يتحدثون الإنجليزية في احتفالاتهم . لِم َ هذا الهروب من لغتنا الجميلة ؟ لمَ ننظر ‹ شذراً ‹ لمن نجد هاتفه المحمول مُعرباً !؟ إنه لمن المؤسف أن يُقدم غربيون على تعلم لغتنا ولهجاتها مثل الرحالة الإنجليزي ‹تيم ماكينتوش› في حين نعرض نحن عنها، والحمدلله الذي حفظ العربية بالقرآن في ظل عقوق أبنائها .

أخبار ذات صلة

قطار الرياض.. إنجاز يقودنا إلى المستقبل
كورنيش جدِّة والمستهترون
«الستر» قيمة حياتية وصفة ربانية
ورم عبر القارات!!
;
قصَّتي مع جبل فوجي..!!
ميزانيَّة الخير: نجاحات رغم التحدِّيات
حملة «وعد» هي السَّند
الطرق البطيئة
;
في العتاب.. حياةٌ
مهارة الإنصات المطلوبة على المستوى الدولي
مقوِّمات.. لاستقرار الشركات العائلية
ستيف هوكينغ.. مواقف وآراء
;
لا تخرج من الصندوق!
(قلبي تولع بالرياض)
سياحة بين الكتب
تمويل البلديات.. والأنشطة المحلية