سقط الإخوان .. بقي الإسلام

سقط الإخوان .. بقي الإسلام
في مصر لم يسقط الإسلام . الذي سقط هو مشروع سياسي ارتكز على قراءة خاصة للإسلام ، هي قراءة جماعة الإخوان المسلمين. هذه القراءة تعاملت مع (( الحاكمية )) باعتبارها المبدأ الأم أو المبدأ المؤسس . وهذا هو مصدر الخلاف بين الإخوان وبين الكثيرين من أبناء الأمة ومفكريها وفقهائها الذين لا يميل بعضهم لتسييس الدين ، بينما ينحاز بعضهم لمشاريع تتسق والمبدأ القائل بأن الأمة هي مصدر السلطات ، كما هو الحال مع مشروعي الشيخين محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي . الإخوان المسلمون لديهم مشروع في الحكم ونظرية تستند إلى فهم خاص للدين ، وهذا بالتأكيد حقهم . لكن الذي ليس من حقهم ، هو الادعاء بأنهم يمتلكون تفويضاً إلهياً لإدارة شؤون البشر .. وهذا هو جوهر فكرة الحاكمية التي تعني حاكمية الله ، أو بمعنى عملي : حاكمية من يمثلونه من البشر . الإخوان وانطلاقاً مما سبق ، يعتقدون أن الاختلاف معهم يعني الاختلاف مع الله سبحانه .. وهو ما تجسد في الأزمة الأخيرة ليس عبر الإصرار على الاستهتار بشرعية الشعب ، وإنما أيضاً عبر بعض الخطب العجيبة التي ادعى فيها مشائخهم الذين كانوا يقودون الحشود بمسجد رابعة العدوية ، أنه شاهد جبريل عليه السلام وهو يؤدي الصلاة معهم في نفس المسجد ! الجماعة لا تمتلك توكيلاً حصرياً بتمثيل الدين أو الحديث باسم الله ، كل مسلم له الحق في رفض أو قبول أي مشروع فكري يتعلق بإدارة وتنظيم شؤون الحياة العامة . عندما يتعلق الأمر بالسياسة ، فإن لكل مسلم الحق في تأييد أو رفض الرؤى السياسية التي يقدمها المشروع القائم على فهم خاص للإسلام ، لأن المنطق والواقع يقولان أن ذلك الفهم لا يحظى بالحد الأدنى من الإجماع الديني أو الوطني . الشعب المصري بإسقاطه لشرعية الإخوان ، خطا خطوة عملاقة في اقتلاع الجذور الفكرية للجماعات والأحزاب السياسية الدينية التي تسعى لاكساب فكرها ورجالها حصانة تصل حد القداسة . وهي حصانة تسعى الأحزاب الدينية لاكتسابها بغرض إشهار سلاح التكفير في وجه كل من يختلف معها . إنها أشد أنواع الفاشية . ذلك أن الفاشية في أطرها التقليدية لا تستطيع تجاوز اتهام معارضيها بالخيانة ، أما الفاشية في نسختها القائمة على ادعاء الحق في احتكار تفسير الدين ، فتصل إلى درجة رمي الآخر بتهمة الكفر ، في محاولة ليس لإقصائه من الحياة السياسية وحدها ، بل من الحياة بشكل عام . إن الفرق الأساس بين الفاشية في أطرها وقوالبها التقليدية وبين الفاشية المستندة إلى رؤى خاصة ومتحزبة ومسيسة للدين ، أن الأولى لا تستطيع أن تتجاوز تبرير فعل القتل في تنظيراتها ، في حين تتعامل الفاشية الدينية مع القتل باعتباره عبادة ، وتنظر إليه بوصفه فضيلة ، وتمنحه هالة من القداسة تجعل من السهولة بمكان ، أن يتم تصنيفه في مقدمة الأعمال الصالحة التي تنطلق من التمسك بمبادئ التقوى ! لقد آن لمصر وللمنطقة كلها ، أن تتخلص من فاشية الإخوان المسلمين .

أخبار ذات صلة

هل يمكن أن نبدأ من الصفر؟!
منابر تلامس واقعنا المعاصر
دمــــــــــــــــوع
الطموح
;
الحج.. والرؤية
خطوة كريمة.. تستلهم روح الإسلام
لا نريد الحرب.. ولكن!
عشتَ فخرَ (المسلمِين)
;
المنتخب: تعب عليه السَّلف فلا يُضيِّعنه الخلف!!
الحمدُ لله
مؤنسات الحرم في يوم الخليف
«أنت لست محور الكون»!
;
الفنانة أحلام.. ومنازل الناس!!
المملكة و(الحج).. والفضل ما شهدت به الأعداء!
الحملات الاتِّصالية.. ودورها في الحجِّ
الحج: من الناس ومن الناس!!