القبول المناطقي في جامعة المؤسس
تاريخ النشر: 21 يوليو 2013 04:33 KSA
أجزم بأن انتشار الجامعات في كل مناطقنا لا يُخوِّل لأي جامعة بأن تقتصر في قبولها على طلاب المنطقة الذين يقطنونها ، وتُهمش المُتقدمين من بقية المناطق ؛ لسبب لا يخفى على أحد مُلخصه أن الوطن للجميع ، وتأسيساً على هذا المبدأ يجب أن تكون جميع أبواب الجامعات السعودية مفتوحة أمام السعوديين ، مستندة في القبول على معايير الكفاءة والجدارة لا معايير المنطقة التي يسكنها الطالب أو المتخرج منها في السنة الأخيرة من الثانوية العامة ؛ لكي لا تؤسس مثل هذه الممارسات فكراً مناطقياً يتغلغل في ثنايا لُحمتنا الوطنية ، ويستشري فيها مع مرور الوقت كالداء العضال الذي يصل بالمريض إلى مرحلة اللاعودة للحياة ، عندها لا يُمكن أن يكون لإصلاح ما أفسده المُنظرِّون وجود ، ولا ما أُرتكب بفعل التنظيم دواء ؛ لأن التغيير في الفكر يستغرق وقتاً لا نحتاجه في الأمور المادية المُكملة للحياة .
لم أقل ما سبق من فراغ ولكنه إفراز لواقع مُورس في جامعة الملك عبدالعزيز مع المتقدمين للانضمام لكوكبة طلابها ، ومن باب الموضوعية سأعرض لكم النسب المُحددة من الجامعة والمُستندة على المنطقة الجغرافية لا على الجدارة - بناءً على الرسائل التي وصلت إلى الطلاب المتقدمين عند رغبتهم في الاستفسار عن حالة قبولهم – حيث حُددت نسب القبول في السنة التحضيرية – المسار الإنساني – لطلاب جدة 77% ، ومن بقية محافظات منطقة مكة المكرمة 85% ، بينما رفعتها لبقية طلاب المناطق إلى 90% ، وحددت الجامعة أيضاً القبول في السنة التحضيرية – المسار العلمي – لطلاب جدة 79% ، ولمحافظات منطقة مكة المكرمة الأخرى بـ 87% ، ولبقية المناطق بـ 92% ، وهذه النسب بالطبع اُعتمدت بقرار من مجلس الجامعة ، وإمعاناً في التفرقة عند القبول واصلت الجامعة ذلك في الفرز الثاني ، حيث قامت بتخفيض النسبة لطلاب جدة – فقط – في السنة التحضيرية – المسار الإنساني – إلى 72% ، وإلى 75.5% في السنة التحضيرية – المسار العلمي – دون الالتفات من باب العدالة المُنتفية أصلاً في نظام الشرائح المُطبقة لبقية محافظات منطقة مكة المكرمة أو مناطق المملكة الأخرى .
إن المُلاحظ إضافة إلى عدم منطقية المبدأ الذي بُنيت عليه هذه الشرائح أن المُحاباة تعاظمت بشكل كبير جداً في النسب التي حُددت لساكني مدينة جدة مُقارنة بمن هم من خارج منطقة مكة المكرمة ؛ حيث وصل الفرق بينهما إلى 13 نسبة مئوية في كلا المسارين ، بينما بلغت 8 نسب مئوية لساكني محافظات منطقة مكة المكرمة عن النسبة المُحددة لساكني مدينة جدة أيضاً في كلا المسارين ، مما يعني أن الجامعة ركزت على جغرافية المكان في عملية القبول أكثر من اهتمامها بالمعايير الأخرى المتمثلة في نسبة الثانوية العامة واختبار القدرات العامة واختبار التحصيلي .
لقد أثبتت جامعة المؤسس بتطبيق هذا النظام أنها تسعى للخروج من كونها وجهة للكثير من الطلاب والطالبات الذين يرغبون الالتحاق بها بناءً على عراقتها وتميزها في بعض التخصصات إلى الانكفاء على ذاتها وإلغاء التعددية الثقافية التي تتشكل جراء التنوع في تباين خلفيات ومرجعيات الطلاب الملتحقين بها في كل عام ، لذا آمل أن تُعيد الجامعة العريقة النظر في آلية القبول المُتبعة خلال الأعوام القادمة ؛ بحيث يكون الأصل في القبول هو معيار الجدارة لا المكان الذي الذي تخرَّج منه الطالب أو الطالبة ؛ على اعتبار أن جامعة الملك عبد العزيز – أمٌّ – للكثير من الجامعات الناشئة ، فليس من المعقول أن يحرم تنظيم بشري نحترم واضعيه الرغبة الجامحة لطلبة الوطن ككل من الالتحاق بهذا الصرح العلمي العملاق .