أين الجامعة العربية من محنة مصر؟!

أين الجامعة العربية من محنة مصر؟!
عهدنا جامعة الدول العربية في كل مرة يتعرض أحد أعضائها لمحنة داخلية أو خارجية تسارع بدعوة لعقد اجتماعات طارئة، يُبحث خلالها الحدث، ويتدارس الأعضاء ما يمكن القيام به، ويتم الاتفاق حتّى لو بالحد الأدنى على الصيغة التي يمكن الخروج بها أمام الرأي العام محليًا ودوليًا. في محنة مصر الحالية لا حسّ ولا خبر، وكأن الأمين العام اعتكف في صومعته، وفرض حظر الكلام على كل مساعديه والمندوبين الدائمين في ذلك الصرح العربي. ولا يخفى على أحد بأن النظام العربي أصيبت بعض أركانه بزلزال خلخل كيانها وعطّل حركتها الرئيسية من بداية الربيع العربي في عام 2011م. في مصر مقر الجامعة العربية، ومحور صناعة القرار، وكان الأولى أن تكون الجامعة في حالة انعقاد دائم، حتى ولو كانت الخلافات بين البعض لا تسمح باتخاذ أي قرار، لأن في ذلك إثبات وجود أمام العالم، ومتابعة للأحداث بكل تفاصيلها، وتفنيد بعض الشائعات المغرضة، وترويض الإعلام المنفلت لتطمين الرأي العام والمؤسسات الحقوقية العالمية من طرف موجود على أرض الواقع وله صفة الحياد. لقد مرّت الجامعة بتجربة فريدة على إثر صلح كامب ديفيد المنفرد مع إسرائيل، ونُقل المقر إلى تونس، ولكن علاقة الشعوب استمرت، حتى حصل غزو الكويت من قِبَل نظام صدام حسين، وعادت الجامعة لمقرها الأساسي، وعادت مصر مجددًا للاضطلاع بدورها الطبيعي في السياسة العربية الذي لا غنى عنه. وأزمة وحدة القرار العربي الذي كان على الدوام عقبة كأداء في مسيرة الجامعة منذ تأسيسها؛ عانت منه أغلب الدول العربية ومؤسساتها الإقليمية، وأعاقت قدرتها على لعب دور فعال مشترك على الساحة الدولية، وشكّل تحديًا مزمنًا لم تستطع الدول الأعضاء التغلب عليه. وعلى مرور الزمن وفي كل أزمة يمر بها العالم العربي تتراكم الصعوبات بشكل يُهدِّد وجود الجامعة واستمرارها كحلقة وصل بين كل الدول الأعضاء، لتحقيق الحد الأدنى من أهداف وتطلعات الشعب العربي من الماء إلى الماء. الأزمة في مصر شأنٌ جوهري يهم كل الدول العربية، لما لمصر من أهمية ومكانة خاصة بين الدول العربية والإسلامية. كما أن هناك أطرافًا دولية لا تخفي قلقها من عدم الاستقرار في مصر، بسبب قناة السويس وما تعنيه للاقتصاد العالمي ككل. وصوت الجامعة مطلوب في لحظة المحنة القائمة، للوقوف على ما يحتاجه الشعب المصري من دعم ومعونات إغاثة طارئة، مثلما حصل في أزمات سابقة لدول أخرى. إن صمت الجامعة العربية عن المحنة التي تواجهها مصر لا يخدم الشعب المصري بصفة عامة، كما أن الابتعاد عن الأحداث قد يُفوِّت فرصة إمكانية تقريب وجهات النظر ورأب الصدع بين الأطراف المعنية، والجامعة لديها تجارب عديدة يجب أن تُوظَّف لمساعدة أي دولة تمر بأزمة داخلية -كالتي تعيشها مصر- حقنًا للدماء وحفاظًا على سلامة الأرواح والممتلكات والسلم الاجتماعي. وإذا غابت الجامعة عن أخطر أزمة عربية في مقرها الرئيسي كالتي نشاهدها في مصر حاليًا.. فلنقرأ الفاتحة على موقفنا العربي الموحد، ونترك الصهاينة يحتسون نخب الانتصار والاستمرار في مشاريعهم التوسعية، ويذهب ما تبقَّى من القدس، والعرب يُشاهدون آخر فصل من المسرحية العبثية التي بدأت من أول القرن الماضي، ولم تتوقف مشاهدها المؤلمة بعد. Salfarha2@gmail.com

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات