الابتعاث الخارجي بين هدفه الأساسي ونشاطاته الفرعية

الابتعاث الخارجي بين هدفه الأساسي ونشاطاته الفرعية
أجزم بخطأ من يقول بأن الهدف الأساسي من برنامج الابتعاث الخارجي تعليمي بحت ؛ بل إن النظرة أبعد من هذا ، فالفترة التي انقطعنا فيها عن الآخر ، وتقوقعنا على أنفسنا وأقنعنا ذواتنا بأننا لسنا في حاجة لهذا الآخر انعكست سلباً على مجريات حياتنا وخلقت منا أجيالاً أحادية في التوجه ، وإقصائية في التفكير ، الأمر الذي دفع المخططين بالعودة إلى المراجعة السريعة للوقوف على المُسببات والسرعة في اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الوضع السلبي المتعاظم ، وجاء هذا البرنامج النوعي في هدفه السامي في أمره ؛ فالاطلاع على ثقافة الآخرين من خلال الاحتكاك بهم والتعايش معهم ، واكتساب السلوكيات الإيجابية المطبقة فعلاً في تعاملاتهم الحياتية ، ونقلها بعد ذلك لتكون سلوكاً يتعاطاه المجتمع بعد أن اكتسبه أفراده إبان وجودهم هناك كان هدفاً استراتيجياً لهذا البرنامج ، ناهيك عن الفائدة المرجوة من كونهم يتلقون الكثير من المعارف والعلوم في جامعات ومراكز تضم نخبة من العلماء والمفكرين ، ومُهيأة بالتجهيزات المادية كالمعامل والمختبرات التي قد لا تتوافر للدارس هنا . وبما أن وزارة التعليم العالي تفرض على الراغبين الانخراط في تخصصات لا زال سوق العمل السعودي في حاجة ماسة إليها ، فأعتقد أن فرص العمل أمامهم كبيرة بعد أن يُتموا دراستهم - خاصة العُليا منها - استناداً على التوسع الهائل في مؤسسات التعليم العالي الأهلي والحكومي ، ولا ننسى القطاع الخاص الذي يعتبر الذراع المساند للقطاع الحكومي في عملية توظيف هؤلاء الشباب ، فالأهم في سياق إيجاد فرص العمل للطلبة المُبتعثين هو رسم استراتيجية واضحة المعالم توازن بين المُدخلات المتمثلة في الطلاب والطالبات وبين الاحتياج الفعلي لسوق العمل ؛ لضمان مُخرجات نُحافظ من خلال الاستفادة من مُكتسباتها المعرفية والمهارية على الجهد والمال والوقت المنصرف على هذا البرنامج الرائد أولاً ، ولكي لا نُضيف نسبة تراكمية أخرى للبطالة ثانياً ؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن نوعية هؤلاء الطلبة تختلف عن غيرها بناءً على البيئة التي درسوا فيها والثقافة ذات الأبعاد المتباينة التي يحملونها ، والحرية الفكرية التي تمتعوا بها في البلدان التي تلقوا تعليمهم فيها وأصبحت جزءاً من شخصياتهم ؛ الأمر الذي يُصعِّب من بقاء مثل هذه النوعيات على رصيف البطالة الساخن. ولعل من حُسن الطالع أن يتوافر للطلبة المُبتعثين قنوات مُتعددة تُحقق طموحاتهم ويجدون فيها ما يتواءم مع ميولهم ورغباتهم من أنشطة مساندة وتواصل فعال بين كافة المُبتعثين حتى لا يشعر المُبتعث بغربة مزدوجة الأولى بُعده عن وطنه والأخرى عدم اهتمام مرجعياته الرسمية في بلد الابتعاث به ، وما الأندية الطلابية إلا الوجه الساطع للاضطلاع بمثل هذا الدور المحوري ، ، فهذه الأندية بمثابة المتنفس للمبتعثين ، ونقطة التقاء ترويحية لهم بعيداً عن الجو الأكاديمي الصارم ، فالتنويع في أنشطتها ضرورة حتمية لتفعيل دورها المنشود ، وتشكيل لجان داخلية سيجعل حركتها ديناميكية تستطيع من خلالها تحقيق الكثير من الإيجابيات لمنتسبيها ، والتي ستنعكس على توفير المناخ المُحفز للتحصيل الأكاديمي ، إضافة إلى قيامها بدور محوري في إبراز الثقافة الوطنية بمساراتها المتعددة من خلال المشاركة في المناسبات الوطنية للمملكة والوطن المُستضيف . ولعل التوسع في مشاركة الطلبة المُبتعثين بالمؤتمرات المُرتبطة بتخصصاتهم وبالذات طلاب الدراسات العُليا داخل دولة المُبتعث أو خارجها على حساب المُلحقية الثقافية أمر يجب أخذه بعين الاعتبار نظراً لما تُمثله مثل هذه المؤتمرات من تلاقح في الأفكار ونقل للخبرات وتدريب على الحضور الفاعل في هذه الفعاليّات ذات الطابع العلمي الأمر الذي سينعكس حتماً على فكرهم بأهمية تنظيمها في وطنهم بعد العودة إليه . zaer21@gmail.com

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات