العمالة الهائجة

العمالة الهائجة
لم أستغرب هيجان العمالة المُتخلِّفة الدائر حاليِّاً في بعض مُدننا والتي جابهت فيه وبكل « عين حمراء « السلطات الأمنية جراء تطبيق الأخيرة لإجراءات الحملة التصحيحية التي تهدف إلى إعادة التوازن إلى سوق العمل ، وتنظيمه بعد أن أصبح يعج بالكثير من المُخالفات « وعلى عينك يا تاجر « دون توافر رقيب أو حسيب ، ويعود ذلك لأن ثقافة هذه الفئة قامت على أن من حقها التمتع بمقدرات البلد بالشكل الذي تراه هي وليس وفقاً للتنظيم الذي تفرضه الجهات الرسمية ، وكأن هذا حق مشروع كفله لها ـ فقط ـ وجودها هنا ، حيث قفزت من خلاله على كل الإجراءات المُصححة للوضع المُهترئ ، والأدهى والأمرّ أن إحدى الجنسيات تحمل في أجندتها فتوى من علمائها تُحلل السرقة في السعودية .!! إن تراكمية الأخطاء في السنوات السابقة المُتمثلة في عدم الحزم في مسألة الاستقدام ، وضعف متابعة سوق العمل عن طريق حفظ توازناته المهنية ، أدى إلى تكدُّس العمالة وتكاثرها في الشوارع والمحال التجارية بشكل مُلفت ، فعندما ترغب الحصول على عامل لعمل ما وتذهب لأماكن تجمعاتها تتفاجأ بصراع قوي جداً حول مركبتك حتى تجد أنها امتلأت بعدد يفوق طاقتها بضعفين ، ناهيكم عن انعكاساتها الخطيرة أخلاقياً وأمنياً بسبب الحالة النفسية والمادية التي يعيشها العامل والدافعة له لارتكاب أي جريرة بهدف الحصول على المردود المالي دون توافر قيمة الحلال والحرام في قاموسه الحياتي ، فلقمة العيش إذا لم يُحْصَل عليها بالطرق المشروعة ، فلن يقف العامل مكتوف الأيدي وهو يتضوَّرُ جوعاً ، بل سيرتكب ما يُمكنِّه من الحصول عليها مهما كانت الوسيلة . لقد أفرزت التداعيات الأخيرة للعمالة والمتمثلة في التجمعات التي قامت بها بعض الجنسيات منعطفات خطيرة ؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن في مُدننا – وبالذات مكة المكرمة وجدة والرياض – أحياء كاملة تؤوي هذه العمالة المُتخلفة ، والمؤسف أن مثل هذه الأحياء خارجة عن سيطرة الجهات المختصة ؛ الأمر الذي يجعل التعامل معها في غاية الصعوبة ما لم تُخلْخَل هذه الأحياء بأكملها ، ويُعاد تنظيمها بشكل يسهل متابعة قاطنيها ، ولعل المشروع الاستراتيجي الذي تبنته إمارة منطقة مكة المكرمة والقاضي بخلخلة الأحياء الشعبية والعشوائية أصبح تنفيذه الآن أكثر حتمية مما مضى ؛ لأنه يُحقق القضاء التام على التجمعات ذات التوجه الواحد والثقافة والسلوكيات المتماثلة ، ويجعل التنوع في تركيبة هذه الأحياء سبباً جوهرياً لإعادة هيكلتها ، وتفتيت التعصبات العرقية . وللتقليل من تنامي هذه المُعضلة أرى أن اجتثاث تداعياتها السلبية من جذورها هو الحل الأمثل وعدم الاكتفاء بمعالجتها سطحياً ، على أن يكون ذلك في خطين متوازيين لا يتقاطعان يتمثل الأول في الإيقاف الفوري والنهائي لما يُسمى « بمِنَح التأشيرات « التي تُعطى لأصحاب النفوذ بالآلاف كتصحيح لأوضاعهم المادية ، وللأسف على حساب المصلحة العامة للوطن ، بينما يكمن الثاني في رسم استراتيجية لأفواج القادمين إلى المملكة من المعتمرين والحجاج طوال العام بحيث نضمن مغادرتهم للأراضي السعودية بمُجرد الانتهاء من أداء فريضتهم التي جاءوا من أجلها ، فالمُلاحَظ أن المُتخلفين من المعتمرين والحُجاج يُفاقمون من مُشكلة العمالة عاماً بعد عام ؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار وجود من يُسهل لهم التخلَف سواءً أكان من أبناء جلدتهم أم من أقربائهم المُستوطنين هنا منذ سنوات ، ولا ننسى في هذا السياق المواطن السعودي الذي ساهم كثيراً في تعاظم هذه المُشكلة من خلال تستره إما اسماً أو تسكيناً للعمالة بهدف الكسب المادي الزهيد له والكبير في حق وطنه .

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات