اليد الواحدة لا تصفق

اليد الواحدة لا تصفق
دور إدارة الموارد البشرية في منظمات العمل حاسم في نجاحها أو فشلها، لأنها تعتبر أهم الأصول، ومسؤولة عن تشكيل بصمة تحقق الفرق والتمايز. وهي تشكل ثقافة تحقق الأهداف أو عكسها، فالموارد البشرية تعتبر الأساس لأي بناء، ومن يُراهن على اكتساب المهارات مقابل غرس ثقافة العمل فإنه يبحث عن ثمار فطيرة؛ لأن الفرق بين ثقافة العمل والمهارات كالفرق بين الإضاءة بمصباح كهربائي وفانوس كيروسين، كلاهما يضيء، ولكن ثقافة العمل تميز العاملين إنتاجية وتفردا وتمايزا. ثقافة العمل لا تكتسب بين عشية وضحاها، بينما المهارة تكتسب بدورة أو سمنار، فالفرق تراكمي تتداخل فيه عوامل أسرية بخلفيات اجتماعية تعليمية. ما دفعني للمقارنة حديث نشرته مواقع التواصل الاجتماعي وتفاصيله بأنه عند انتهاء الفترة التصحيحية ستقوم المؤسسة العامة للتدريب المهني بتفعيل 90 برنامجا في مختلف المجالات لسد النقص في المهارات المتوقعة. ومع الإشادة بجهود معالي المحافظ في تطوير مهارات الشباب والأخذ بيدهم لسد النقص والانخراط في سوق العمل، إلا أن المؤسسة تحتاج للانتقال من إكساب المهارات إلى تعزيز ثقافة العمل، لأنها تسوِّق مهن يرفضها المواطن، فالتعاون مع المؤسسة يُحقِّق هذا المقصد الخيّر، وهو لن يتم إلا بترابط ثلاث حلقات تشمل التعليم والمهارات العملية وثقافة العمل، وتفعيل هذه الحلقات يتطلب تعاضد جهات مختلفة، وإلا فإن اليد الواحدة لا تُصفِّق. وسأُدلِّل هنا على أهمية التعاون بإكساب ثقافة العمل للفرد بتجربة شخصية قد تفيد المؤسسة والقراء: حيث إن عمي وهيب بن زقر -رحمه الله- من رجالات الإدارة المشهود لهم، وله رؤية تنفيذ للأولويات، وتكمن في تطوير الأفراد، ولطالما أوصانا بالشباب وإكسابهم ثقافة العمل. وعندما أُسندت لي إدارة الشركة بالرياض بالتسعينيات تقدم شابان قالا إنهما يسكنان ودرسا وتخرجا في الجامعة ويتمنيان العمل سويا، طلبت من إدارة الموارد البشرية إكسابهما مهارات عملية في التسويق، وظللتُ أتحدث إليهما لترغيبهما الانخراط في التسويق وحفزتهما وربطتهما بسعوديين يعملون بنجاح، ثم تابعت انتظامهما بالعمل، وذات صباح وصلت مكتبي وكان أحدهما قد وصل بينما الثاني كعادته تأخّر، وافترضت تشجيعي سيكسبه حساسية الالتزام بالوقت وخاطبته بالعامية لكسر الحواجز الإدارية فقلت له (وينك؟)، ردّ مندهشاً (في إيش؟ تأخرت دقائق)، تبسّمت واستمر بحاله. والشاهد أن ردود فعله التالية رفضت النقد، مما قاد للتأمل في ثقافة العمل، وسألت نفسي عن خلفيته الأسرية بافتراض صلتها ولأنها ميّزت بينه وزميله. وللمفارقة تبيّن أن الخلفية العملية لوالد زميله كانت بالقطاع الخاص بينما ثقافته قطاع عام، واستنتجت أن الأول اكتسب من والده ثقافة عمل مغايرة، ميّزته من حيث الانضباط والإنتاجية عن ثقافة زميله الذي اكتسب ثقافة قطاع عام قعدت به، وإن كان لاستنتاجاتي نصيب من صحة، فإن للبيئة دورها في تشكيل ثقافة العمل، مما يستلزم التنسيق بين الموارد البشرية في المنشآت والمؤسسة العامة؛ للتمييز بين من تنقصه مهارات ومن يحتاج لثقافة العمل.

أخبار ذات صلة

القرآن الكريم ورونالدو..!!
أكبر مشروع للثروة الحيوانيَّة بالشرق الأوسط
الصحافة الورقية
سوريا «العربية» والدبلوماسية «السعودية»
;
العرب بين 1916 و2024.. مكانك سر!
حكايتي مع الإِدمان
مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
;
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
;
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة