انتهاك حقوق الإنسان في التصوير والبث

انتهاك حقوق الإنسان في التصوير والبث
بثّت شبكات التواصل الاجتماعي صورة لامرأة مسنة مستلقية على سرير المرض في مستشفى الملك فهد في المدينة المنورة، وقد أنهكها المرض وكبر السن دون تقدير لمرضها وسنها وخصوصيتها، وهو أمر مؤلم إنسانيًّا وخلقيًّا ومهنيًّا. قيل إن المرأة أرملة، وليس لها أولاد، ويرعاها ابن أخيها الذي هو أيضًا انتهكت حرمة خصوصيته، وألحق به من التهم ما هو بريء منها، وقد تنصَّل من صَوَّر المقطع ومن بثه بثًّا عامًّا على شبكات التواصل من إنسانيته، ومن شرف المهنة حتى من لم يصوّر، ولكنه سمح لمن صور باقتحام خصوصية هذه المسنة، دون حرمة لسنها، أو رأفة بضعفها، أو شفقة عليها لمرضها، ولكنها القلوب القاسية المتجردة من الرحمة والإنسانية. التصوير على حين غرة جريمة، والبث من المصور وغير المصور جريمة في حق الإنسان، وعدم المحاسبة للمجرم انتهاك لحق إنسان وبخاصة إن كان في موضع ضعف أو مرض كهذه السيدة الكريمة، ومثل ذلك تصوير الأطفال أو تصوير أي إنسان دون أخذ إذنه لا سيما إن كان في موقف محرج، أو في حال مرض أو وقوع حادث سيارة أو حريق أو غير ذلك من الكوارث. تصوير إنسان من غير علمه، انتهاك لحقّه فكيف إن كان فاقد الأهلية أو الوعي، أو غير مدرك كالأطفال، أو مريضًا، أو في موقف محرج أو في مجلس اعتقد أنه آمن على نفسه في قوله أو فعله، ومن يُقدم على التصوير فاقد للكرامة والشرف ومن يبث معدوم الضمير والخلق الكريم وإن أبدى ندامة أو أسفًا. من يفعل ذلك مريض في سلوكه وخلقه، ولا بد أن يعاقب وفق قانون التعاملات الإلكترونية، فالاعتداء على كرامة الإنسان جريمة تستدعي التحقيق والمحاكمة والعقوبة، وبغير ذلك لن يرتدع المعتدون على كرامات الإنسان، وسوف يستمر الانتهاك ممن فَقَدَ الذمم، أو وجد متعته في انتهاك حرمات الناس، لا يتوقع ممن صور وبَثَّ أن يسفح دمعة شفقة على حال تلك المرأة، ولا لمسة حنان، ولا كلمة تزرع الأمل، لأن قلبه قُد من صخر، وأمانته طغى عليها الاستمتاع بالآلام، وشرف مهنته - إن كان المنتهك تحت رعايته - مخروم مفقود. شبكة التواصل الاجتماعي فيها خير كثير وشرّ قليل، ولا بد من قبضة حديدية وعقوبة صارمة لمن أحب الشرّ وأضر بحرمة غيره، وانتهك إنسانيته أو خصوصيته، إنه إنسان في صورته، وحشي في داخله، يرتاح للحوم البشر ويضحك لمآسيهم. من أَمِن العقوبة أساء الأدب، ومن أساء الأدب أطلق لنفسه العنان في انتهاك حقوق الإنسان، ومن انتهك حقوق الإنسان تجرّد من إنسانيته، ومن تجرد من إنسانيته خرج من دائرة الإنسانية التي تعمر قلوب الطيبين الممتلئة صدورهم بالمحبة والشفقة.

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي