في القضية القطرية ..
تاريخ النشر: 11 مارس 2014 02:29 KSA
المواقف القطرية الحالية لن تصيب جيرانها وباقي الدول العربية بالضرر بل أن الضرر الأكبر يقع على قطر ومواطنيها . فالجماعات الإرهابية بمختلف المسميات وعلى رأسها ( الإخوان المسلمون ) ، ومجموعات ' الحقوق' بتعدد أصولها ، أوروبا وأميركا ، والقنوات التلفزيونية ، ومن ضمنها ( الجزيرة) ، وغير هؤلاء ممن تقوم السياسة القطرية في الوقت الحاضر على تمويلهم ورعايتهم ، سوف ينعكس شرهم إن آجلاً أو عاجلاً على الداخل القطري ويحول البلد إلى خرابة كبرى ، كما جرى تحويل ليبيا الغنية بثرواتها المعدنية إلى شراذم تتقاتل فيما بينها ،ومثلما نجح الإرهابيون بمساندة حركات المجتمع المدني ، الناشطة بتمويل قطري في بث العنف الوحشي والكراهية بين العرب ، مسلمين وغير مسلمين ، وبتوجيه إضافي من العجم ، الإقليميين والدوليين ، بهدف تمزيق الأوطان العربية والتشكيك لا في الحكومات القائمة فحسب بل في حق الأوطان بالبقاء موحدة ، والسعي لتمزيقها .
الضرر الذي تسببه المواقف القطرية بإصــــرارها على مواصلة دعم الحركات الإرهابية أكبر من حــجـم قطر وقدراتها ، فهي وإن كانت تملك المال لتمويل أنشطة هـــــذه الحركات ورعايتها ، إلا أنه لا تتوفــــــر لديها القدرة على إدارة الأزمة التي
تتسبب بها . ويذكرني هذا بفيلم هزلي شاهدته منذ فترة طويلة، ويحكي قصة خيالية عن أمارة أوروبية تعاني من صعوبات اقتصادية جمة ، ولا تجد تقديراً من جيرانها الأثرياء ، وفشلت في الحصول على مساعــــدات
من المنظمات الدولية وأمريكا ، ويتم إستدعاء رجـــــال السياسة فيها للاجتماع بحثاً عن حلول لاقتصادها السيىء ، فيطرح أحــد الحاضرين اقتراحاً على المجتمعين بأن تقوم الأمارة بإعلان الحرب على الولايــــــات المتحدة الأمريكية ، ويصاب الجميــع
بالدهشــة ويتساءلون عن سر هــــــــذا الاقتراح الغريب ، لأن أمريكا القوية ستهزم بالتأكيد قـــوات الإمــــــارة شــــر هزيمة ، ويرد صاحــــــب الاقتراح أن هـــذا هو المطلوب ، فعندما يهزمون الإمــــــــــارة سيقوم الأمريكيون باحتلالها ، وسيــٍـؤدي
ذلك لتحمل المحتلين مسئولية تحسين اقتصاد الإمارة وإخراجـــــها مــــن وضـــــــع الإفلاس الذي تعانيه . وأعجبت الفكرة الحاضرين وتســــاءلــــــوا عن كيفية تنفيذ الفكرة ، وكان الاقتراح تجهيز فرقة عسكرية تبحر إلى أمريكا لإحتلالها .!!
ومن طرائف الفيلم أن الإمـــارة جهزت سفينة شراعيــة قديمة ، حسـب إمكانياتها المالية ، وأقامــــــــت عليها قائداً عسكرياً ( مثّل بيترسلرز دور القائد ) أبـــحـر إلى نيويـورك التــي كانت تجري فيها ، عندمــــــــا وصلت سفيــنـة الإمـــــارة ، تجربة
مواجهة هجوم نووي صاروخــــي بإطلاق صفارات الإنذار وتوجيـــــه الناس إلـــى المخابيء ، وكانت الشـــــوارع خالية من المارة والسيـــارات ، فأنطلق الغزاة بشكل عشوائي إلى مبنى تجـري فيه أبحاث لقنبلة نووية، وأخــــــــذوا القنبلة إلــى سفينتهم
وعادوا بها إلى بلادهــم ، وعندما انتشر خبر حصولهم على قنبلة نووية ، ســـــارع الأمريكيون والروس ( الإتحاد السوفيتي حين إخـراج الفيلم ) لإستعادة القنبلة منـــهـم حماية لهم من أن تنفجر فتدمرهم ومعهم أوروبا .
وما تفعله قطر بنفسها لا يقل عن تبنيها قنبلة نوويـــــة ، لا تستطيع التحكم بها أو احتواء خطرها ضد بلدها . فسلاح الإرهاب ذو حدين وأكثر من إتجاه ، ومــــــــن الغفلة الإعتقاد بأن منح الإرهاب وإعلامه المال والمأوى سيـؤدي إلــــى حماية قطر من أخطاره بل إن تبني أي دولة للإرهاب إنما هو قنبلة موت بالنسبة لها .
مطلوب وبشدة الحكمة في معالجة أزمة قـــطــــر مع نفسها ، فأشقاؤها في الخليج لا يرغبون في أن يفقدوها ، أكان بإنجرافها إلى سياسات مراهــــقــة باللعب بالنار ، أو الإستسلام لإغراء دول أكبر منها وأكثر دراية سيــــــاسية تعطيها الإنطباع بأنها
ستوفر لها الغطاء الحامي من الإرهاب وتوابعه .. فالأمان الحقيقي هو داخـــل البيت الخليجي ، كما هو عليه اليوم بحسناته وسيئاته ، خاصة في هــــذه المرحلة الخطيرة التي تواجه المنطقة تدخلات أجنبية تسعى لإعـــــــادة رســم خريطة المنطقة بكاملها
سياسياً وجغرافياً . والحكمة مطلوبة هنا من كل طرف من أطــــــراف الأزمة التي أوقعت قطر نفسها فيها ، حماية لقطر وباقي الجسم الخليجي مــــن مخاطر المرحلة الحالية .