تقنيات الملاحة الجوية وسلامة الطيران!
تاريخ النشر: 20 مارس 2014 01:44 KSA
تَطوَّر الطيران في العصر الحديث إلى أقصى ما وصلت إليه الصناعة من الدقة والجودة وسد الثغرات؛ حتى أصبح النقل الجوي أسرع وأسلم وآمن وسيلة نقل عرفها الإنسان مقارنة بالوسائل الأخرى. ورغم ذلك يظل الطيران مُعرَّضًا للحوادث والاختراقات، والخلل وسوء الاستخدام، ولكنه بقدرة الله سبحانه وتعالى يظل الأفضل بين وسائل النقل الأخرى.
تجهيزات الطائرة تشمل 'الصندوق الأسود' الذي يُسجِّل أي خلل فني يحصل لأجهزة الطائرة عن طريق حساسات توضع في مئات المواقع في الطائرة. والصندوق الأسود مصنع لمقاومة الحريق، والصدمات، وبه جهاز إرسال الذبذبات في حالة السقوط في البحر أو في مناطق نائية غير مسكونة، وذلك من أجل تسهيل الوصول إليه من قِبَل فرق البحث والإنقاذ، ولا يمكن فتحه إلا من قِبَل الشركة المُصنِّعة - الوحيدة- المختصة في استخلاص المعلومات وقراءتها، ووضعها أمام لجان التحقيق في الحوادث.
والطائرة من لحظة تشغيلها على أرض المطار، وهي مراقبة من عدة جهات أمنية وتشغيلية، ومجدول إقلاعها من المطار حسب ترتيبها المُعد لها من مركز المراقبة الجوية بالتنسيق مع طاقم القيادة، الذي يتولى تحديد خط السير، ومهمة الإقلاع والطيران والارتفاع حتى تصل لمقصدها النهائي.
كما أنه يوجد جهاز تسجيل صوتي في مقصورة الطيار، وجهاز تفادي تصادم الطائرات، وتحديد موقع الطائرة في الجو، والإحداثيات الأرضية، وأجهزة اتصالات تُمكِّن طاقم القيادة من السير تحت إشراف تغطية رادارية وأجهزة إرشاد ملاحية على طول خط السير، ومطلوب من الطيران التحدُّث باستمرار مع مراكز المراقبة الجوية التي يمر عليها، والمناط بها متابعة سير الرحلة لأخذ التعليمات، ومعرفة حالة الطقس التي تظهر أيضًا على شاشة الرادار في مقصورة القيادة. وكل مركز مراقبة جوية على خط السير يُسلِّم المسؤولية للمركز الذي يليه؛ حتى تصل الطائرة إلى حدود إقليم طيران الدولة مقصد رحلتها النهائي، وتهبط بسلام بإذن الله تعالى.
الطيار ومساعده لديهما الإمكانيات الآنية لإعلان حالة الطوارئ عند تعرضهما لأي طارئ خلال الرحلة. ومن الاحتياطات الحديثة وضع أبواب محكمة تُغلق، ولا يمكن تعدّيها في حالة الاختطاف، لكي تبقى مقصورة القيادة معزولة بالكامل عن أي تدخل؛ إلا بأمر وموافقة قائدة الطائرة أو مساعده.
تحتفظ منظمة الطيران المدني الدولي بسجل يُوثِّق كل حادث لطائرة مدنية تم العثور عليها، والتحقيق فيه وتحديد الأسباب والمسببات والمسؤولية عن الحادث حسب الحالة والظروف المحيطة بالحادث.
بعض الحوادث مثل الطائرة الفرنسية (من طراز AIR BUS A330) التي سقطت في المحيط الأطلسي في عام 2009م بعد إقلاعها - من مطار ريو دوجيرو بالبرازيل- وأخذ البحث عنها وقت طويل، حتى تم العثور على الصندوق الأسود - بعد سنتين تقريبًا- وتم التحقيق في ذلك الحادث وحددت المسؤولية. ومثلها حوادث أخرى لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال.
التحقيق في الحوادث تتولاه عدة جهات وهي: بلد تسجيل الطائرة، والشركة المصنعة لها، وسلطات البلد الذي وقع به الحادث، والشركة التي تملك الطائرة أو المُشغِّلة، وشركة التأمين، وكل من له علاقة، ويُمكن أن يُقدِّم معلومات تُسهِّل مهمة فريق التحقيق، مثل خبراء من منظمة الطيران المدني والأياتا.
بعض الدول لديها فرق بحث وإنقاذ مجهزة على مستوى عالي، تستطيع التعامل مع الحوادث الصعبة بسرعة ومهنية عالية. ويُستعان بكل الدول التي لديها القدرة لتقديم المساعدة عندما تقع الحوادث بهدف إنقاذ الأرواح، والحصول على أي معلومات تساعد على عدم تكرار الحادث، مثلما هو الحال بالنسبة للطائرة الماليزية.
في حالة الطائرة الماليزية - حديث الساعة- من طراز 777 بوينج خلال رحلتها رقم MH370 من كوالالمبور إلى بكين التي اختفت وعلى متنها 239 راكبًا وملاحًا، ويجري البحث عنها في الوقت الراهن، لازال هناك بعض الغموض والتكهنات التي تحيط باختفاء الطائرة، ولكن المؤكد أن الحقائق ستظهر لأن هذه طائرة مسجلة أقلعت من مطار معين في دولة معينة.. خط سيرها محدد مسبقًا.. وجنسيات ركابها موثّقة.. وجهة مقصدها أيضًا معروفة لدى الجهات المختصة.
إحصائيات حوادث الطيران تثبت بأن ما يزيد على 80% من الحوادث تُسبّبها العوامل البشرية التي تشمل كل ما يتعلق بالطيران، واتباع الأنظمة والتعليمات من صيانة وتجهيزات وإدارة وتشغيل... إلخ.
ظروف اختفاء الطائرة الماليزية مُحيِّرة للغاية، لأنها غير مسبوقة في تاريخ الطيران.. والجهود الدولية للبحث عنها تثبت مدى اهتمام العالم بسلامة الطيران. وبالرغم من كل الاحتياطات التي تتخذها الدول ومنظمة الطيران المدني الدولي للحفاظ على سلامة الملاحة الجوية، فلا مجال للتهاون في ذلك من أجل سلامة وأمن صناعة النقل الجوي، ومستخدميها بصفة عامة.