أزمة الغاز الروسية الأوكرانية ..إلى أين ؟

أزمة الغاز الروسية الأوكرانية ..إلى أين ؟
يترقب العالم بمخاوف واضحة وتوجس شديد , ما قد تفرزه أزمة الغاز الروسية الأوكرانية من مفاجآت لا تبشر بخير , فالوضع أشبه ما يكون بقنبلة موقوتة لا يستبعد انفجارها في أي لحظة , فالأمر أكبر حجماً وأعظم خطراً من أن يُنظر إليه كخلاف تجاري بين دولتين , وتتمحور المشكلة في أن الغاز روسي المنشأ , بينما تمثل أوكرانيا معبر الترانزيت الرئيسي لنقله إلى دول أوروبية عديدة , أهمها (رومانيا والمجر وبولندا) علماً بأن 80% من تلك الإمدادات يتم نقلها عبر الممر الأوكراني إلى أوروبا , فإذا بالأزمة المتفاقمة تشعر أوروبا بأمرٍ قادم وخطر داهم , وبنظرة عقلانية يتضح ضرورة عرض المعطيات , التي قد تعين على حلِّ هذه المعادلة الصعبة , أو تسهم في تحجيم أخطارها المتوقعة , فالحديث عن أوكرانيا يقودنا إلى مقارنة أوضاعها قبل وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة السوفيتية برمتها , فقد كانت أوكرانيا قبل الانهيار تعتمد في احتياجاتها على غاز روسيا السوفيتية , بأسعار رمزية أو شبه مجانية , ولكن بعد الانهيار أصبحت تحصل على رسوم الترانزيت , لتتحول دولة المعبر التي كانت من ضمن المنظومة السوفيتية , إلى دولة تُعامل تجارياً كبقية الدول الأوروبية , ونظراً لهذا التحول ارتفع سعر الغاز فيها إلى القيمة المتعامل بها والمتعارف عليها عالمياً , لتطالبها روسيا بسداد ديونها تجاه مؤسسة (غاز بروم) بعد اتهام أوكرانيا بسرقة مخصصات الغاز الموجهة إلى أوروبا , فيما تنفي أوكرانيا هذا الاتهام , وبسبب تردي العلاقات الأزلية بين بلد المنشأ وبلد الممر , أطلت ملامح الأزمة واشتعل فتيل الفتنة لدرجة أن المراقبين يتوقعون تحول الأزمة إلى صدام عسكري مسلح , ولا أدل على ذلك من الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا حالياً , المتمثلة في الانقلاب الذي حدث , والأسطول الحربي الروسي المتأهب , وسعادة الإدارة الأمريكية بسقوط الحكومة الأولى , واستلام الحكومة الجديدة لزمام الأمر في البلاد , كما تنذر تلك التوقعات بميلاد معسكرين متنافرين , أحدهما بقيادة روسيا وحلفائها من الذين ينتهجون خطاً معادياً لأمريكا التي تقود المعسكر الثاني وبجانبها حليفتها إسرائيل , لتتدخل دول أوروبية عديدة تحاول إقناع أوكرانيا , بتقديم تنازلات سياسية لروسيا أهمها التخلي عن مطالبة أوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو , مقابل أن تحظى بمعاملة روسية خاصة في مجال المحروقات , بينما تخشى الدول الشرقية الأوروبية , من محاولة انتزاع روسيا لتنازلات سياسية أوروبية على حساب أوكرانيا , فحدوث مثل هذه التنازلات يعني بالضرورة ضعف الجبهة الشرقية الأوروبية في مواجهة روسيا , فأوكرانيا ما زالت محصورة ضمن النطاق الاقتصادي السياسي , وهذا لا يعني استبعاد احتمال الصدام العسكري المسلح , إذا أرادت الإدارة الأمريكية الحالية (جس نبض) روسيا , من منطلق إرادة ورغبة الموالين للغرب , فمن الواضح أن النظام الأوكراني القديم كما تراه أمريكا لا يعبأ بمصلحة شعبه , ولا أيضاً مصلحة الشعب الروسي ولا حتى شعوب المنطقة , رغم أنهم يرتبطون تاريخياً وجغرافياً ومصلحياً مع بعضهم البعض , وتلك نتيجة طبيعية وحتمية لانهيار المنظومة السوفيتية , وما خلفته من قضايا معلقة تنتظر الحلول المناسبة , , فهل يقدم هذا الحراك الجديد العلاج الناجع ؟ ربما ! ولكن الغيوم الضبابية ما زالت مخيمة على الأجواء , نتمنى أن تنقشع على خير .

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات