معاناة مدربي ومتدربي التدريب التقني مع الإجازات
تاريخ النشر: 23 مارس 2014 02:00 KSA
التنظيم الإداري كائن حي يتسم بالحِراك المُوجَّه حسب ما تقتضيه مصلحة المُنظمة التي يحكم أداءها ويُنظِّمُ عملها ، لذا يجب أن يكون خاضعاً كل تنظيم للتطوير مع أخذ الثبات النسبي له بعين الاعتبار ، من هذا المُنطلق نجد أن بعض المُنظمات تعمل جاهدة على أخذ التوجهات الحديثة في الهيكلة التنظيمية لعملها ، حيث تجد أن تلك الممارسات انعكست إيجابياً على الرفع من مستوى الأداء وتحقيق الرضا سواءً أكان لجميع العاملين فيها أم للعملاء المُستهدفين لها ، بعكس البعض الآخر الذي جعل من الهيكلة قيوداً تتحكَّم في أدق تفاصيل إجراءاتها .
هذه الخلفية النظرية لها أهمية في تأطير الممارسات التي تقوم بها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني التي طوَّرت من تنظيمها الداخلي ظناً منها أن ما جاءت به سيُحقق لها استقلالية عن بقية المؤسسات التعليمية ؛ فجعلت من العام ثلاثة فصول تدريبية بدلاً من اثنين كما هو معمول به في كافة الجهات التي تقدِّم الخدمات التعليمية ، فما عَلِمت أنها بذلك تُعالج وضعاً تنظيمياً وأهملت - للأسف الشديد - جانباً اجتماعياً وإنسانياً يجب ألاَّ يكون قد مر مرور الكرام على قادتها وكبار مُخططيها ، الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل المؤسسة تعمل بمعزل عن بقية مؤسسات الدولة ؟ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الشريحة المُنتسبة لبرامج المؤسسة ترتبط ارتباطاً عضوياً ببقية المُنتسبين للمؤسسات التربوية الأخرى ؛ وبالتالي هم – جميعاً – يُشكِّلون بُنية المُجتمع الذي لا تنفك ارتباطاتها عن بعض ، ولعل الاستمتاع بالإجازات الممنوحة للمتدربين والمُتدربات والمُدربين سواءً أكانت إجازة الربيع أم منتصف الفصل الثاني حق يكفله لهم نظام مُقر من مجلس الوزراء يُنظِّم التقويم الدراسي لكافة المؤسسات التي تقوم على أمر التعليم في المملكة ، ولكن النظام ' الثُلثي ' إن صح التعبير عنه بهذا أخرج مدربي المؤسسة ومتدربيها من التمتع مع أُسرهم بهاتين الإجازتين التي أحدثت تبايناً داخل الأسرة ؛ فما بين أخ وأخته سيتمتعون بالإجازة يقف على الجانب المُقابل مثلهما ينظرون بحسرة على عدم قدرتهم التمتع بها – فقط – لأن نظام المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لا يسمح ، وفي نهاية الأمر ونظراً للتضارب الحاصل بين مكونات الأسرة المغلوب على أمرها بناءً على تناقض الأنظمة ستبقى الأسرة حبيسة الجدران الأربعة .
إذاً المنطق يقول أن يكون ثمة تنسيق بين الجهات التي ترتبط خدماتها بالجانب التعليمي – خاصة – في مواعيد الإجازات ؛ لأن الكثير والكثير من الارتباطات الأسرية تُبنى على مواعيد الإجازات ، فليس من المنطق التمادي في إحداث المزيد من التشتت في الوقت الذي من الممكن أن حل هذه المُعضلة بإيجاد صيغة توافقية تحفظ لجميع الأطراف حقها المعنوي والنظامي ؛ فالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تكفل خط سير تدريبها بالشكل الذي لا ينعكس سلباً على برامجها ، والأسرة تؤلف بين أفرادها وأقاربها بالشكل الذي يُعزز اللُحمة العائلية ويزيد من تماسكها ، وبكذا تكون المُشكلة قد حُلَّت ولم يُهْضَم لأي طرف من الأطراف ذات العلاقة أي جانب .
ولعل هذه المُشكلة التي طرحتها والمتمثلة في التباين بين نظام المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وبقية المؤسسات التعليمية تقودني لطرح قضية أكبر وأهم ألا وهي ضم المؤسسة كمُنظمة تربوية تحت مظلة مؤسسات التعليم العالي ؛ على اعتبار أن مستوى ما تُقدمه فوق التعليم العام ، وبالتالي فالمنطقية تفترض ذلك ناهيكم على أن التنظيم الإداري للأنظمة التعليمية يدعم هذا التوَّجه بل ويؤكد عليه توحيداً للجهود ومنعاً للازدواجية مع احتفاظ كل نمط من أنماط التعليم بهويته ، فهل نرى قراراً يتوج هذا التوجه ويُلغي كل التضارب الحاصل على أرض الواقع ، أم سيظل الوضع على ما هو عليه ؟