تطوير المناطق العشوائية.. إلى أين؟
تاريخ النشر: 27 مارس 2014 01:56 KSA
منذ تولي سمو الأمير خالد الفيصل إمارة منطقة مكة المكرمة، بدأ مشروع التخلُّص من العشوائيات المنتشرة في جدة ومكة المكرمة. والخطة كما رُوِّج لها تهدف إلى تحسين التخطيط الحضري في المنطقة بصفةٍ عامةٍ، والقضاء على أوكار المُتخلِّفين من العمالة الوافدة، وبؤر الفساد التي توغّلت في بعض الأحياء، ولابد من تصحيح أوضاعها.
بعض المناظر في جدة ومكة المكرمة على وجه الخصوص لا تليق بمدن رئيسة في بلدٍ شهد نهضة عمرانية هائلة، ويستقبل ملايين الحجاج والمعتمرين في كل عام. كما أن مدينة جدة رمز التقدم الاقتصادي والثقافي في المملكة، تستحق أن تتكامل تنميتها، ويعم التخطيط المعاصر كل أحيائها بدون استثناء.
بعد كارثة الأمطار في موسمين متتاليين (2009- 2010م) تحوّل الاهتمام لمعالجة مشكلات تصريف المياه، وإعادة النظر في بعض المخططات التي وُضعت في مجرى السيول، وإعادة تأهيل مدينة جدة بشكل أفضل.
كان الحماس على أشدّه، وكانت التطلعات واعدة إلى أبعد الحدود، والمعوقات -آنذاك- كانت تحتاج لعزيمة وحزم شخصية في مقام الأمير خالد الفيصل، وإصراره على الإصلاح بكل الوسائل المتاحة، وتسخير كل الإمكانات التي تُوفّرها الدولة والدعم اللا متناهي من خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وبعد تعيين سمو الأمير خالد الفيصل وزيرًا للتربية والتعليم، وهو الموقع الذي يحتل قمة أولويات الدولة لأهميته في تنمية الأجيال القادمة.. جاء سمو الأمير مشعل بن عبدالله لاستكمال مسيرة التنمية والإصلاح في منطقة مكة المكرمة عمومًا، والمناطق العشوائية على وجه الخصوص. حيث تسلّم سموه المهمّات الصعبة من يد سمو الأمير خالد الفيصل، وهو متوثِّب لمواصلة المشوار، والارتقاء بمنطقة مكة المكرمة إلى المكان اللائق بها؛ وبزوّارها من جميع أنحاء العالم، وبسكانها المتوثبين بحيوية وإصرار على التقدم والرقي.
مشكلة الأحياء العشوائية أنها تشكّلت في غياب التخطيط الحضري السليم، وتزايد عدد سكانها على مر السنين، حتى أصبحت جزرًا داخل المدن الكبرى وفي أطرافها، وأصبحت تُشكِّل كُتلاً بشرية مكتظّة بالسكان من ذوي الدخل المحدود، يعيشون في أماكن ضيقة وغير صحية، ولا تتوفر فيها الخدمات العامة بالشكل المطلوب. كما أنها أصبحت تجذب إليها العاطلين عن العمل، والفئات الفقيرة، والمقيمين بطرق غير نظامية. والكل يعلم مشكلة 'الحبوش' في منفوحة بالعاصمة الرياض، والأفارقة، وغيرهم في مكة المكرمة. وما يمكن أن تثيره تلك الفئات من فوضى قد تؤدّي إلى الإخلال بالأمن من وقتٍ إلى آخر.
لذا، نأمل من الجهات المعنية استثمار الوقت جيدًا لاستكمال وإنجاز ما تبقى من مشروعات تطويرية للأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، في إطار ما تم ويتم من تخطيطٍ وتنظيمٍ، حتى لا نُفاجأ في المستقبل بأعمالِ عنفٍ أو شغبٍ؛ من تلك الأحياء العشوائية المكتظة بالسكان، والمشكلات المتراكمة فيها على مر الزمان.
كما أننا نتطلع -من تلك الجهات- إلى العناية بالأحياء الفقيرة التي ينبغي أن يكون لها أولوية، في بلدٍ يُنظر إليهِ كنموذج ناصع للمسلمين، بخيرهِ وعطائهِ، وجُود المولى -عز وجل- على أهلهِ بالحرمين الشريفين، ونعمة الوفرة المادية بفضل الله وكرمه.
والأمل -كل الأمل- أن تستعجل الجهات المعنية في تنفيذ ما تبقى من مشروعات حيوية في المنطقة، لتُستكمل مسيرة التنمية والإصلاح.. والله من وراء القصد.