الأمير مقرن بن عبدالعزيز.. موسوعة معرفية في رجل
تاريخ النشر: 30 مارس 2014 03:13 KSA
للمرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية يتم تعيين وليًا لولي العهد، حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرارًا بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز في هذا المنصب المستحدث بعد تأييد أعضاء هيئة البيعة بأغلبية كبيرة.
ولقد شكلت هذه الخطوة مفاجأة سارة على الصعيد الداخلي، كما لاقت ردود فعل واسعة على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة وأن الخطوة جديدة على ما كان معتمدًا في المملكة منذ عشرات السنوات،
وإذا ما عدنا إلى تقييم الخطوات التي سبق لمليكنا المفدى اتخاذها منذ أن كان وليًا للعهد وصولًا إلى موقعه الحالي، لوجدنا أنه ما ترك يومًا أي استحقاق وطني للصدفة، وما عمل يومًا بوحي من موقف مرتجل ولا اتخذ يومًا قرارًا دون دراسته بوعي وعمق بعد أن يحيط نفسه بكل جوانبه وتأثيراته وتداعياته.
وما القرار الموفق بتعيين ولي لولي العهد إلا بمثابة جواب واضح وصريح على تساؤلات البعض ممن كانوا يتحدثون -في السر وفي العلن- عن احتمالية حدوث فراغ دستوري بعد غياب مليكنا المفدى وولي عهده الأمين -أطال الله بعمرهما ووهبهما موفور الصحة والعافية-.. فالقرار الملكي كان جوابًا على تساؤل هؤلاء، وقد تم الآن ملء أي فراغ محتمل.
وقد جاء القرار منسجمًا مع مبدأ تداول الحكم بين أبناء الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) حرصًا من الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تنفيذ وصية والده المؤتمن هو عليها، كما كان من قبله الملوك من إخوانه وأشقائه، (تغمدهم الله بواسع رحمته).
كما جاء القرار بمثابة استشراف من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمستقبل المملكة ولدورها الحضاري والإنساني، وللموقع الذي تحتله خليجيًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا، فكان أن اختار الرجل المناسب للدور المناسب وللموقع المناسب، دون أن نُقلِّل من أهمية الكفاءات والخبرات المتوافرة لدى أبناء العائلة المالكة من أولاد الملك عبدالعزيز ومن أحفاده.
وشهادتي قد تكون مجروحة بسمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي عرفته عن قرب في المواقع المتعددة التي شغلها، ولكن حريّ بي التنويه بشخصه وبمناقبه وبخبراته وسعة وعيه وعمق اطلاعه بهدف إعطاء فكرة مختصرة لمن يسمع به من بعيد، أو لمن يجهل مسيرة هذا الرجل العملاق.
فلقد اكتشفت في شخصية ولي ولي العهد المثقف المطلع على أنواع شتى من العلوم والقارىء النهم، حيث يمتلك مكتبة خاصة تحتوي على أكثر من عشرة آلاف كتاب.
واكتشفت فيه المحلل الإستراتيجي الذي يستشرف الأحداث ويحدد المخاطر ويقدم الحلول وسبل المواجهة وأكبر دليل على ذلك أنه كان من أوائل السبّاقين على الصعيد الإقليمي للتحذير علانية من البرنامج النووي الإيراني.
وحين بدأ ما يسمى بـ'الربيع العربي' أدرك سموه أن الوضع في العالم العربي لم يعد كما كان في السابق، وأنه لا بد من إجراء إصلاحات تحاكي التطورات على كافة المستويات.
واعتبر الأمير مقرن أن بروز الطائفية والإرهاب والتطرف الديني قد شكّل تحديات لدول مجلس التعاون، الأمر الذي جعل الحاجة ملحّة لتعاون المنظومة الأمنية الخليجية في مواجهة تيارات الإرهاب والتطرف.
ولم يغب عن باله أهمية الاعتماد على التقنيات الحديثة لما لها من دور مؤسس في التطور والتقدم، فأبدى اهتماماته بتقنية المعلومات وارتباطها الوثيق بالأمن القومي.
ومعروف عن سموه ميوله بعلوم الفلك والرصد الفلكي، والمطالعة والشعر العربي والفروسية وأبحاث الزراعة، دون أن ننسى أنه خريج أهم معاهد الطيران في العالم، وقد طبق تخصصه نظريًا وعمليًا.
إنه موسوعة معرفية في شخص لم يبخل في أن يفتح كل صفحاتها أمام أهله ومواطنيه وأبناء دينه وأمته، بدليل أنه كان مميزًا في إدارة كافة الملفات وفي تنفيذ كافة المهام التي كانت تُسند إليه وكان يحقق إزاءها النجاح تلو النجاح، ولهذا ما كان يستقر في موقع ويعيد تنظيمه ودفعه وزيادة إنتاجيته حتى تأتي الأوامر الملكية للاستعانة به في موقع آخر.
فألف شكر لمليكنا على حسن اختياره، وألف مبروك لولي عهده الميمون على من أصبح ساعده وعضده، وكل التمنيات الصادقة لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز بمزيد من النجاح، مصحوبًا بموفور من الصحة والعافية، وكل التحيات لمملكتنا الأبية التي أنعم الله عليها بأولياء أمر ما غابت الحكمة يومًا عن بصيرتهم.